للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد فقدت عنبرية من ذهب فاتهمها أَهلهَا وهموا بقتلها تِلْكَ اللَّيْلَة، فَقَالَ: إِن الله أطلعني على مَا فِي نفوسكم واستأذنت رَبِّي فِي أَن أكشف لكم عَن هَذِه الْقَضِيَّة، وأنفذكم من الهلكة، فَأذن لي، وكراماته كَثِيرَة مَشْهُورَة وَالله أعلم.

ذكر ملك شيركوه مصر، وَقتل شاور وبتداء الدولة الأيوبية

فِيهَا: فِي ربيع الأول سَار أَسد الدّين شيركوه بن شاذي بالعسكر النوري إِلَى مصر وَكَانَ قد أرسل العاضد الْخَلِيفَة يستغيث بِنور الدّين، وَأرْسل فِي الْكتب شُعُور النِّسَاء لِأَن الفرنج ملكوا بلبيس قتلا وسبياً ونهباً، وحصروا الْقَاهِرَة فِي عَاشر صفر، وأحرق شاور مصر لِئَلَّا يملكهَا الفرنج، وَأمر أَهلهَا بالانتقال إِلَى الْقَاهِرَة، وَبقيت النَّار تحرقها أَرْبَعَة وَخمسين يَوْمًا، وصانع شاور الفرنج على ألف ألف دِينَار.

وَمِمَّنْ أرسل نور الدّين مَعَ شيركوه إِلَى مصر ابْن أَخِيه صَلَاح الدّين يُوسُف كَارِهًا أحب نور الدّين مسيره.

وَفِيه: ذهَاب الْملك من بَيته وَكره صَلَاح الدّين الْمسير.

وَفِيه: ملكه وَعَسَى أَن تكْرهُوا شَيْئا وَهُوَ خير لكم، وَعَسَى أَن تحبوا شَيْئا وَهُوَ شَرّ لكم.

وَمن جملَة مَا أعْطى نور الدّين شيركوه لهَذِهِ الْحَرَكَة مِائَتي ألف دِينَار سوى الثِّيَاب وَالدَّوَاب وَالسِّلَاح وأنفقت فِي الْعَسْكَر، فَلَمَّا قَارب شيركوه مصر رَحل عَنْهَا الفرنج إِلَى بِلَادهمْ وَوصل الْقَاهِرَة فِي رَابِع ربيع الآخر وَاجْتمعَ بالعاضد، وخلع عَلَيْهِ وَعَاد إِلَى خيامه، وأجرى على شيركوه الإقامات وماطله شاور فِيمَا كَانَ بذل لنُور الدّين من تَقْرِير الال وإفراد ثلث المَال وَصَارَ يعده ويمنيه ويركب إِلَيْهِ وعزم على عمل دَعْوَة يقبض فِيهَا على شيركوه فَمَنعه ابْنه الْكَامِل بن شاور، فعزم الْعَسْكَر النوري على الفتك بشاور وَلَا سِيمَا صَلَاح الدّين، وجرد بك، فنهاهم شيركوه عَنهُ.

وَاتفقَ أَن شاور ركب إِلَى شيركوه على عَادَته فَلم يجده وَكَانَ قد مضى لزيارة قبر الإِمَام الشَّافِعِي فَسَار صَلَاح الدّين وجرد بك مَعَ شاور إِلَى شيركوه ووثب صَلَاح الدّين وجرد بك وَمن مَعَهُمَا على شاور وألقوه إِلَى اأرض وأمسكوه فِي سَابِع ربيع الآخر فهرب أَصْحَابه، ثمَّ لم يُمكن شيركوه إِلَّا إتْمَام ذَلِك وَبلغ العاضد ذَلِك فَطلب مِنْهُ إرْسَال رَأس شاور فَقتله وَأرْسل إِلَى العاضد بِرَأْسِهِ ثمَّ دخل شيركوه الْقصر فَخلع عَلَيْهِ العاضد خلع الوزارة، ولقبه الْملك الْمَنْصُور أَمِير الجيوش، وَكتب منشوره بالإنشاء الفاضلي، وَكتب العاضد بِخَطِّهِ على طرته هَذَا عهد لم يعْهَد لوزير بِمثلِهِ فتقلد أَمَانَة رآك أَمِير الْمُؤمنِينَ أَهلا لحملها وخد كتاب أَمِير الْمُؤمنِينَ بِقُوَّة واسحب ذيل الفخار بِأَن اعتزت خدمتك إِلَى نبوة النُّبُوَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>