الدّين كوكبوري صَاحب إربل، وعماد الدّين زنكي بن أرسلان شاه صَاحب الْعقر وسوس والعمادية، وَبدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل ثمَّ عَاد الْأَشْرَف إِلَى سنجار فِي أَوَائِل رَمَضَان وَسلم بدر الدّين لُؤْلُؤ قلعة بلعفر إِلَى الْأَشْرَف، وَنقل الْأَشْرَف ابْن المشطوب مُقَيّدا إِلَى جب فِي حران حَتَّى مَاتَ سنة تسع عشرَة وسِتمِائَة وَلَقي بغي خُرُوجه مرّة بعد أُخْرَى.
وفيهَا: توفّي الْملك الْمَنْصُور صَاحب حماه مُحَمَّد بن تَقِيّ الدّين عمر بن شاهنشاه بن أَيُّوب بقلعة حماه فِي ذِي الْقعدَة بالحمى، وورم الدِّمَاغ وَكَانَ شجاعاً يحب الْعلمَاء، وَورد إِلَيْهِ مِنْهُم جمَاعَة مثل السَّيْف الْآمِدِيّ، وصنف لَهُ مصنفات مثل الْمِضْمَار فِي التَّارِيخ وطبقات الشُّعَرَاء، وَبنى الجسر بحماه خَارج بَاب حمص، وَكَانَ لَهُ بعد أَبِيه حماه والمعرة وسلمية ومنبج وقلعة نجم، وَلما فتح بارين من يَد ابْن الْمُقدم ألزمهُ عَمه الْعَادِل بردهَا عَلَيْهِ فَعوضهُ بمنبج وقلعة نجم لقرب بارين مِنْهُ، وَله شعر وَله مَعَ الفرنج حروب رَحمَه الله تَعَالَى.
ذكر اسْتِيلَاء الْملك النَّاصِر على حماه
لما مَاتَ الْمَنْصُور كَانَ ابْنه المظفر الْمَعْهُود إِلَيْهِ بالسلطنة عِنْد خَاله الْكَامِل بالديار المصرية مُقَابل الفرنج وَابْنه الْملك النَّاصِر صَلَاح الدّين قلج أرسلان عِنْد خَاله الْمُعظم صَاحب دمشق وَهُوَ بالسَّاحل فِي الْجِهَاد. وَقد فتح قيسارية وهدمها، ونازل عثليث، فاتفق بحماه زين الدّين بن فريج الْوَزير والكبراء، واستدعوا النَّاصِر للينه وَشدَّة بَأْس المظفر فَمَنعه الْمُعظم من التَّوَجُّه إِلَّا بتقرير مَال عَلَيْهِ فِي كل سنة قيل سَبْعمِائة ألف دِرْهَم فَحلف لَهُ على ذَلِك وَأطْلقهُ فَقدم حماه فاستحلفه مستدعوه على مَا أَرَادوا وأصعدوه القلعة ثمَّ ركب مِنْهَا بالصناجق السُّلْطَانِيَّة وعمره سبع عشرَة سنة، وَبلغ أَخَاهُ المظفر ذَلِك فَاسْتَأْذن الْملك الْكَامِل فِي الْمُضِيّ إِلَى حماه واثقاً بالأيمان الَّتِي فِي أَعْنَاقهم، فَأذن لَهُ وَسَار حَتَّى وصل الْغَوْر فَوجدَ خَاله الْمُعظم صَاحب دمشق هُنَاكَ فَأخْبرهُ أَن أَخَاهُ الْملك النَّاصِر ملك حماه ويخشى عَلَيْهِ أَن يعتقله، فَقدم دمشق وَأقَام بداره الْمَعْرُوفَة بالزنجيلي، وَكتب الْمُعظم والمظفر إِلَى أكَابِر حماه فِي تَسْلِيمهَا إِلَى المظفر، فَمَا أجابوا، فقصد المظفر مصر فأقطعه الْكَامِل إقطاعاً بِمصْر إِلَى أَن كَانَ مَا سَيذكرُ.
اسْتِيلَاء الْملك المظفر غَازِي بن الْعَادِل على خلاط وميافارقين
كَانَ قد اسْتَقر بيد المظفر الْمَذْكُور الرها وسروج، وَكَانَت خلاط وميافارقين بيد الْأَشْرَف وَلَيْسَ لَهُ ولد فَجعل أَخَاهُ المظفر غازياً ولي عَهده وَأَعْطَاهُ خلاط وميافارقين وبلادها وَهِي إقليم عَظِيم يضاهي ديار مصر، وَأخذ الْأَشْرَف مِنْهُ الرها وسروج.
وفيهَا: توفّي بالموصل شيخ الشُّيُوخ بِمصْر وَالشَّام صدر الدّين مُحَمَّد بن عمر بن حموية فَقِيه فَاضل من بَيت كَبِير بخراسان، وَخلف أَرْبَعَة بَنِينَ عرفُوا بأولاد الشَّيْخ تقدمُوا عِنْد الْكَامِل، وَسَنذكر بعض خبرهم، توجه صدر الدّين رَسُولا إِلَى بدر الدّين لُؤْلُؤ فَمَاتَ هُنَاكَ.