وَلما توفّي يزِيد بُويِعَ ابْنه " مُعَاوِيَة بن يزِيد بن مُعَاوِيَة " ثَالِث خلفائهم فِي رَابِع عشر ربيع الأول مِنْهَا، كَانَ شَابًّا دينا، ولي ثَلَاثَة أشهر، وَقيل أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَمَات وعمره إِحْدَى وَعِشْرُونَ سنة بعد أَن جمع النَّاس وَقَالَ: قد ضعفت عَن أَمركُم وَلم أجد لكم مثل عمر بن الْخطاب لأستخلفه وَلَا مثل أهل الشورى فَأنْتم أولى بأمركم فَاخْتَارُوا من احببتم، ثمَّ دخل منزله وتغيب فِيهِ حَتَّى مَاتَ، وَقيل أوصى أَن يُصَلِّي الضَّحَّاك بن قيس حَتَّى يقوم لَهُم خَليفَة.
(أَخْبَار ابْن الزبير)
وَلما مَاتَ يزِيد بن مُعَاوِيَة بُويِعَ " ابْن الزبير " بِمَكَّة، فقصد مَرْوَان بن الحكم الْمسير إِلَيْهِ من الْمَدِينَة لمبايعته، ثمَّ توجه إِلَى الشَّام مَعَ بني أُميَّة، وَقيل كتب ابْن الزبير إِلَى عَامله بِالْمَدِينَةِ أَن لَا يتْرك بهَا أحدا من بني أُميَّة، وهرب عبيد اللَّهِ بن زِيَاد من الْبَصْرَة إِلَى الشَّام، وَبَايع أهل الْبَصْرَة ابْن الزبير وَاجْتمعت لَهُ الْعرَاق والحجاز واليمن، وَبَايَعَهُ أهل مصر، وَبَايع لَهُ فِي الشَّام سرا الضَّحَّاك بن قيس، والنعمان بن بشير بحمص، وَزفر بن الْحَارِث الْكلابِي بِقِنِّسْرِينَ، وَكَاد يتم لَهُ الْأَمر بِالْكُلِّيَّةِ، وَكَانَ شجاعا عابدا لَكِن مَعَ بخل وَضعف رَأْي. وَأقَام مَرْوَان بن الحكم بِالشَّام فِي أَيَّام ابْن الزبير، وَاجْتمعت بَنو أُميَّة وَصَارَ النَّاس بِالشَّام فرْقَتَيْن: اليمانية مَعَ مَرْوَان، والقيسية مَعَ الضَّحَّاك بن قيس مبايعين لِابْنِ الزبير.
وَآخر ذَلِك أَن الْفَرِيقَيْنِ اقْتَتَلُوا " بمرج راهط " فِي الغوطة - إِحْدَى المنتزهات الْأَرْبَعَة - وَانْهَزَمَ الضَّحَّاك والقيسية وَقتل الضَّحَّاك وَجمع كثير من فرسَان قيس، ونادى مُنَادِي مَرْوَان: أَن لَا يتبع أحد مُنْهَزِمًا، وَدخل مَرْوَان دمشق وَنزل بدار مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان وَاجْتمعَ عَلَيْهِ النَّاس، وَتزَوج أم خَالِد بن يزِيد بن مُعَاوِيَة لخوفه من خَالِد.