للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَدخل مُعَاوِيَة الْكُوفَة وَبَايَعَهُ النَّاس، وَجَرت بَين قيس بن سعد بن عبَادَة وَعبيد اللَّهِ بن عَبَّاس، وَبَين مُعَاوِيَة مراسلات آخرهَا المبايعه بِمن مَعَهُمَا وشرطا أَن لَا يطالبا بِمَال وَلَا دم، ووفي لَهما مُعَاوِيَة، وَلحق الْحسن بِالْمَدِينَةِ وَأهل بَيته.

وَقيل سلم الْأَمر إِلَى مُعَاوِيَة فِي ربيع الأول سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين، وَقيل فِي ربيع الآخر، وَقيل فِي جُمَادَى الأولى، وعَلى هَذَا فخلافته على القَوْل الأول خَمْسَة أشهر وَنَحْو نصف شهر وعَلى الثَّانِي سِتَّة أشهر وَكسر.

روى سفينة أَن النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْخلَافَة بعدِي ثَلَاثُونَ سنة ثمَّ تكون ملكا عَضُوضًا ". وَكَانَ آخر الثَّلَاثِينَ يَوْم خلع الْحسن نَفسه من الْخلَافَة.

وَأقَام الْحسن بِالْمَدِينَةِ إِلَى أَن توفّي بهَا فِي ربيع الأول سنة تسع وَأَرْبَعين، ومولده بِالْمَدِينَةِ سنة ثَلَاث من الْهِجْرَة، وَهُوَ أكبر من الْحُسَيْن بِسنة وَكَانَ مطلاقا وَله خَمْسَة عشر ولدا ذكرا وثماني بَنَات، كَانَ يشبه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من رَأسه إِلَى سرته، وَالْحُسَيْن يشبه النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - من سرته إِلَى قدمه.

وَقيل إِن زَوجته جعدة بنت الْأَشْعَث سمته، قيل بِأَمْر مُعَاوِيَة، وَقيل بِأَمْر يزِيد أطمعها بالتزوج بهَا وَلم يَفِ؛ وَأوصى الْحسن أَن يدْفن عِنْد جده، فَمنع مَرْوَان بن الحكم وَالِي الْمَدِينَة من ذَلِك وكادت تكون فتْنَة بَين الأمويين والهاشميين، فَدفن بِالبَقِيعِ

وَبلغ مُعَاوِيَة موت الْحسن فَسجدَ، فَقَالَ بَعضهم:

(أصبح الْيَوْم ابْن هِنْد شامتا ... ظَاهرا النخوة إِذْ مَاتَ الْحسن)

(يَا ابْن هِنْد إِن تذق كأس الردى ... تَكُ فِي الدَّهْر كشيء لم يكن)

(لست بِالْبَاقِي فَلَا تشمت بِهِ ... كل حَيّ للمنايا مُرْتَهن)

فِي الصَّحِيح: ان النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة وأبوهما خير مِنْهُمَا ".

قلت: سُئِلَ الشَّيْخ الزَّاهِد محيي الدّين النَّوَوِيّ عَن قَوْله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الْحسن وَالْحُسَيْن سيدا شباب أهل الْجنَّة "، مَا مَعْنَاهُ؟ فَأجَاب بِجَوَاب مِنْهُ معنى الحَدِيث: أَن الْحسن وَالْحُسَيْن وَإِن مَاتَا شيخين فهما سيدا كل من مَاتَ شَابًّا وَدخل الْجنَّة وكل أهل الْجنَّة يكونُونَ فِي سنّ أَبنَاء ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَلَا يلْزم كَون السَّيِّد فِي سنّ من يسودهم وَالله اعْلَم.

وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْحسن وَقد أَخذ بِيَدِهِ: " إِن ابْني هَذَا سيد وسيصلح اللَّهِ بِهِ بَين فئتين من الْمُسلمين عظيمتين ".

وَرُوِيَ: أَنه مر بالْحسنِ وَالْحُسَيْن رَضِي اللَّهِ عَنهُ وهما يلعبان فطأطأ لَهما عُنُقه وحملهما وَقَالَ: " نعم المطية مطيتهما وَنعم الراكبان هما ".

<<  <  ج: ص:  >  >>