بكر، وَلحق قيس بِالْمَدِينَةِ ثمَّ وصل إِلَى عَليّ فَعلم جلية أمره وَقَاتل مَعَه بصفين، ثمَّ سَار مَعَ الْحسن إِلَى أَن سلم الْأَمر إِلَى مُعَاوِيَة.
وَلما وصل مُحَمَّد بن أبي بكر إِلَى مصر واليا وصاه قيس أَن لَا يتَعَرَّض إِلَى العثمانية المعتزلين بخربتا، فَلم يقبل مُحَمَّد ذَلِك فَبعث إِلَيْهِم أَن يدخلُوا فِي بيعَة عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ فَأَبَوا.
(وقْعَة صفّين)
وَلما اتّفق عَمْرو مَعَ مُعَاوِيَة على حَرْب عَليّ قدم جرير بن عبد اللَّهِ البَجلِيّ على عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ فَأعلمهُ بذلك، فَسَار عَليّ من الْكُوفَة إِلَى جِهَة مُعَاوِيَة، وَقدم عَلَيْهِ عبد اللَّهِ بن عَبَّاس وَمن مَعَه من اهل الْبَصْرَة، فَقَالَ عَليّ:
(لأصبحن الْعَاصِ وَابْن العَاصِي ... سبعين ألفا عاقدي النواصي)
(مجنبين الْخَيل بالقلاص ... مستحقبين حلق الدلاص)
وحدا بعلي نَابِغَة جعد فَقَالَ:
(قد علم المصران وَالْعراق ... أَن عليا فَحلهَا الْعتاق)
(أَبيض جحجاح لَهُ رواق ... أَن الأولى جاءوك لَا أفاقوا)
(لكم سباق وَلَهُم سباق ... قد علمت ذَلِكُم الرفاق)
وَسَار عَمْرو وَمُعَاوِيَة من دمشق بِأَهْل الشَّام إِلَى جِهَة عَليّ، وتأنى مُعَاوِيَة فِي مسيره حَتَّى اجْتمعت الجموع بصفين، وَخرجت سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَالْأَمر على ذَلِك.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَثَلَاثِينَ: وَمضى الْمحرم والجيشان بصفين يتراسلون بِمَا يطول ذكره بِلَا قتال، وَفِي صفر جرت بَينهم وقعات بصفين قيل: تسعون وقْعَة، وَمُدَّة الْمقَام بهَا مائَة وَعشرَة أَيَّام، وَقتل من أهل الشَّام خَمْسَة وَأَرْبَعُونَ ألفا وَمن الْعرَاق خَمْسَة وَعِشْرُونَ ألفا مِنْهُم سِتَّة وَعِشْرُونَ رجلا من أهل بدر.
وَتقدم عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ إِلَى أَصْحَابه أَن لَا يبدؤهم بِقِتَال وَلَا يقتلُوا مُدبرا وَلَا ياخذوا شَيْئا من أَمْوَالهم وَلَا يكشفوا عَورَة.
قَالَ مُعَاوِيَة: أردْت الانهزام بصفين فتذكرت قَول ابْن الأطنابة فَثَبت وَكَانَ جاهليا والأطنابة امْرَأَة وَهُوَ قَوْله:
(أَبَت لي همتي وحياء نَفسِي ... وإقدامي على البطل المشيح)
(وإعطائي على الْمَكْرُوه مَالِي ... وأخذي الْحَمد بِالثّمن الربيح)
(وَقَوْلِي كلما جشأت وجاشت ... رويدك تحمدي أَو تستريحي)
وَقَاتل عمار بن يَاسر مَعَ عَليّ وَقد نَيف على تسعين سنة والحربة فِي يَده وَيَده ترْعد وَقَالَ: هَذِه راية قَاتَلت بهَا مَعَ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ثَلَاث مَرَّات وَهَذِه الرَّابِعَة، ودعا بِمَاء ليشْرب فَجَاءَتْهُ امْرَأَة بقدح من لبن، فَشرب مِنْهُ ثمَّ قَالَ: صدق اللَّهِ وَرَسُوله.