للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَجَابَهُ وَصَالَحَهُ ثَمَانِيَة أشهر، ثمَّ دخل السُّلْطَان حلب ثَالِث شعْبَان، وَثمّ دخل دمشق وَأعْطى زنكي بن مودود دستوراً وَغَيره من المشارقة، وزار السُّلْطَان فِي طَرِيقه من حلب قبر عمر بن عبد الْعَزِيز رَضِي الله عَنهُ بدير سمْعَان من النقيرة، وزار الشَّيْخ الصَّالح أَبَا زَكَرِيَّا المغربي الْمُقِيم هُنَاكَ، وَله كرامات، وَكَانَ مَعَ السُّلْطَان أَبُو فليته قَاسم بن مهنى الْحُسَيْنِي صَاحب مَدِينَة الرَّسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَحضر مَعَه فتوحاته، وَكَانَ يرجع إِلَى قَوْله تبركاُ بِصُحْبَتِهِ، وَدخل السُّلْطَان دمشق فِي رَمَضَان الْمُعظم، فأشير عَلَيْهِ بتفريق العساكر ليريحوا ويستريحوا، فَقَالَ: إِن الْعُمر قصير، وَالْأَجَل غير مَأْمُون، وَكَانَ لما سَار إِلَى الشمَال قد ترك على الكرك وَغَيرهَا من يحصرها وَأَخُوهُ بِتِلْكَ الْجِهَات يُبَاشر ذَلِك فتسلم الكرك بالأمان والشوبك، وَمَا بِتِلْكَ الْجِهَات من الْبِلَاد، ثمَّ سَار من دمشق فحصر صفد، وتسلمها بالأمان ثمَّ كَوْكَب وَعَلَيْهَا قيماز النجمي فتسلمها بالأمان فِي منتصف ذِي الْقعدَة، سير أَهلهَا إِلَى صور وَمَا كَانَ مصلحَة ثمَّ عيد الْأَضْحَى بالقدس ثمَّ أَقَامَ بعكا إِلَى سلخ السّنة.

وفيهَا: أرسل قزل بن إيلدكز يستنجد الإِمَام النَّاصِر على طغرل بك السلجوقي ويحذره عاقبته، فَأرْسل الْخَلِيفَة عسكراً إِلَيْهِ والتقوا ثامن ربيع الأول مِنْهَا قرب هَمدَان فانكسر عَسْكَر الْخَلِيفَة وغنم طغرل بك مِنْهُم وَأسر مقدم الْعَسْكَر جلال الدّين عبيد الله وَزِير الْخَلِيفَة.

وفيهَا: توفّي مُحَمَّد بن عبد الله الْكَاتِب ابْن التعاويذي الشَّاعِر، وَله وَقد صودرت جمَاعَة من الْكتاب بِبَغْدَاد من قصيدة:

(يَا قَاصِدا بَغْدَاد جز عَن بَلْدَة ... للجور فِيهَا زخرة وعباب)

(إِن كنت طَالب حَاجَة فَارْجِع فقد ... سدت على الراجي بهَا الْأَبْوَاب)

(وَالنَّاس قد قَامَت قيامتهم فَلَا ... أَنْسَاب بَينهم وَلَا أَسبَاب)

(والمرء يُسلمهُ أَبوهُ وعرسه ... ويخونه الْقُرَبَاء والأحباب)

(لَا شَافِع تغني شَفَاعَته وَلَا ... جَان لَهُ مِمَّا جناه متاب)

(شهدُوا معادهم فَعَاد مُصدقا ... من كَانَ قبل ببعثه يرتاب)

(حشر وميزان وَعرض جرائد ... وصحائف منشورة وحساب)

(مَا فاتهم من يَوْم مَا وعدوا بِهِ ... فِي الْحَشْر إِلَّا رَاحِم وهاب)

قلت وَمَا أحسن قَوْله:

(مَا لإنسانيتي شَاهد ... عِنْدِي سوى أَنِّي فِي خسر)

وَكتب إِلَى صَاحبه الْعِمَاد الْأَصْفَهَانِي رِسَالَة وقصيدة يطْلب مِنْهُ فَرْوَة مِنْهَا قد كلف مكارمه وَإِن لم يكن للجود عَلَيْهَا كلفه وأتحفه بِمَا وَجهه إِلَيْهِ من أمله وَهُوَ لعمر الله تحفه إهداء فَرْوَة دمشقية سَرِيَّة نقية يلين لمسها ويزين لبسهَا، دباغتها نظيفة وخياطتها لَطِيفَة طَوِيلَة

<<  <  ج: ص:  >  >>