(إستبشر الْقُرْآن حِين نصرته ... وَبكى لفقد رِجَاله الْإِنْجِيل)
قلت: وَهَذَا الشّعْر لَا يُعجبنِي فَإِن إنجيل عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لَا يبكي لفقد الْكفَّار الْمُشْركين. وَمَا أحسن قَول بَعضهم فِي كسرة النَّصَارَى ونصرة الْمُسلمين:
(يبكي من الْمِنْبَر الصَّلِيب كَمَا ... يضْحك للمصحف الأناجيل)
وَيُمكن تَأْوِيل الْبَيْت الْمَذْكُور وَلَكِن لَيْسَ هَذَا مَوْضِعه وَالله أعلم.
وفيهَا: سَار جوسلين بالفرنج صَاحب تل بَاشر ليكبس بني ربيعَة بِبَلَد دمشق وأميرهم مر بن ربيعَة، وَتَأَخر جوسلين فضل عَن عسكره وأوقعوا بالعرب فنصر الله الْعَرَب وَقتلُوا من الفرنج وأسروا خلقا.
وفيهَا: أعَاد السُّلْطَان سنجر شحنة لبغداد.
وفيهَا ظهر قبر إِبْرَاهِيم الْخَلِيل وابنيه إِسْحَاق وَيَعْقُوب عَلَيْهِم السَّلَام بِالْقربِ من بَيت الْمُقَدّس ورآهم خلق كثير لم تبل أجسامهم وَعِنْدهم فِي المغارة قناديل من ذهب وَفِضة، قَالَه حَمْزَة بن أَسد التَّمِيمِي فِي تَارِيخه.
ثمَّ دخلت سنة أَربع عشرَة وَخَمْسمِائة: فِيهَا اقتتل مَسْعُود ومحمود ابْنا السُّلْطَان مُحَمَّد عِنْد عقبَة إستراباذ فِي منتصف ربيع الأول وَاشْتَدَّ الْقِتَال فَانْهَزَمَ مَسْعُود وَعَسْكَره ثمَّ اختفى فِي جبل وَبعث يطْلب من مَحْمُود الْأمان فَأَمنهُ فَقدم وَخرج مَحْمُود بالعسكر لتلقيه واعتنقه وبكيا ووفى لَهُ وأكرمه ثمَّ قدم جيوش بك أتابك مَسْعُود فَأحْسن إِلَيْهِ مَحْمُود أَيْضا.
وَكَانَ دبيس بن صَدَقَة سَبَب الْخلف بَينهمَا ليعلو شَأْنه كَمَا علا أَبوهُ بالخلف بَين بركيا روق وَمُحَمّد أَخِيه، فَلَمَّا بلغ دبيساً انهزام مَسْعُود نهب وأفسد، فكاتبه مَحْمُود فَمَا الْتفت فقصده السُّلْطَان مَحْمُود، فهرب دبيس عَن الْحلَّة إِلَى إيلغازي بماردين، ثمَّ اتّفق الْحَال على إِن يرْهن أَخَاهُ منصوراً وَيعود إِلَى الْحلَّة.
وفيهَا: خرج الكرج وملكوا تفليس بِالسَّيْفِ وَقتلُوا فِي الْمُسلمين ونهبوا نهباً عَظِيما.
وفيهَا: التقى إيلغازي والتركمان الفرنج عِنْد دانيث البقل من بلد سرمين وَجرى قتال شَدِيد فَانْهَزَمَ الفرنج.
ابْتِدَاء أَمر مُحَمَّد بن يومرت وَملك عبد الْمُؤمن
كَانَ مُحَمَّد بن عبد الله بن يومرت الْعلوِي الْحُسَيْنِي من المصامدة من جبل السوس من الْمغرب فَرَحل فِي طلب الْعلم إِلَى الْمشرق وأتقن الأصولين وَالْفِقْه والعربية، وَاجْتمعَ بالغزالي والكيا وبالطرطوشي، ثمَّ حج وَعَاد إِلَى الْمغرب وَأخذ فِي إِنْكَار الْمُنكر وَالْأَمر بالصلوات وَغير ذَلِك، وَوصل إِلَى قَرْيَة ملاكة قرب بجاية فاتصل بِهِ عبد الْمُؤمن بن عَليّ الْكُوفِي وَنَفر من بجاية عبد الْمُؤمن وَسَار مَعَه.
وتلقب ابْن يومرت بالمهدي، وَوصل مراكش وشدد فِي النَّهْي عَن الْمُنكر وَحسنت