للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحَكِيم بن حزَام وَبُدَيْل بن وَرْقَاء الْخُزَاعِيّ خَرجُوا متجسسين فَقلت أَبَا حَنْظَلَة يَعْنِي أَبَا سُفْيَان فَقَالَ أَبَا الْفضل قلت: نعم قَالَ لبيْك فدَاك أبي وَأمي مَا وَرَاءَك قلت قد أَتَاكُم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي عشرَة آلَاف فَقَالَ مَا تَأْمُرنِي بِهِ قلت تركب لأستأمن لَك رَسُول اللَّهِ وَإِلَّا تضرب عُنُقك.

فردفني وَجئْت بِهِ إِلَى رَسُول اللَّهِ وَجَاءَت طريقي على عمر بن الْخطاب فَقَالَ عمر: أَبَا سُفْيَان الْحَمد لله الَّذِي أمكن مِنْك بِغَيْر عقد وَلَا عهد، ثمَّ اشْتَدَّ نَحْو رَسُول اللَّهِ، وأدركته فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ دَعْنِي أضْرب عُنُقه، وَسَأَلَهُ الْعَبَّاس فِيهِ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " قد أمناه، وأحضره يَا عَبَّاس بِالْغَدَاةِ " فَرجع بِهِ الْعَبَّاس إِلَى منزله وجاءه بِهِ بِالْغَدَاةِ.

فَقَالَ لَهُ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَا أَبَا سُفْيَان أما آن أَن تعلم أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ " قَالَ بلَى، قَالَ: " وَيحك ألم يَأن لَك أَن تعلم أَنِّي رَسُول اللَّهِ " فَقَالَ: بِأبي وَأمي أما هَذِه فَفِي النَّفس مِنْهَا شَيْء، فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس: وَيحك تشهد قبل أَن يضْرب عُنُقك؛ فَتشهد وَأسلم مَعَه حَكِيم بن حزَام وَبُدَيْل بن وَرْقَاء ثمَّ أَمر الْعَبَّاس أَن يذهب بِأبي سُفْيَان إِلَى مضيق الْوَادي ليشاهد جنود اللَّهِ فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّهِ إِنَّه يحب الْفَخر فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئا يكون فِي قومه.

فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من دخل دَار أبي سُفْيَان فَهُوَ آمن وَمن دخل الْمَسْجِد فَهُوَ آمن وَمن أغلق عَلَيْهِ بَابه فَهُوَ آمن وَمن دخل دَار حَكِيم بن حزَام فَهُوَ آمن " قَالَ الْعَبَّاس: فَخرجت بِهِ كَمَا أَمرنِي رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي كتيبته الخضراء من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار، فَقَالَ لقد أصبح ملك ابْن أَخِيك عَظِيما، فَقلت وَيحك إِنَّهَا النُّبُوَّة، فَقَالَ نعم، ثمَّ امْر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَن يدْخل الزبير بِبَعْض النَّاس من كداء، وَسعد بن عبَادَة سيد الْخَزْرَج بِبَعْض النَّاس من ثنية كداء، وَأمر عليا أَن يَأْخُذ الرَّايَة مِنْهُ فَيدْخل بهَا لما بلغه من قَول سعد: الْيَوْم يَوْم الملحمة الْيَوْم تستحل الْحُرْمَة، وَأمر خَالِدا أَن يدْخل من أَسْفَل مَكَّة فِي بعض النَّاس، وَكلهمْ لم يقاتلوا نَهَاهُم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَن الْقِتَال إِلَّا أَن خَالِدا لقِيه جمَاعَة من قُرَيْش فَرَمَوْهُ بِالنَّبلِ ومنعوه الدُّخُول فَقَاتلهُمْ وَقتل ثَمَانِيَة وَعشْرين مُشْركًا، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " الم أنهه عَن الْقِتَال " فَقَالُوا إِن خَالِدا قوتل فقاتل، وَقتل اثْنَان من الْمُسلمين وَفتحت مَكَّة يَوْم الْجُمُعَة لعشر بَقينَ من رَمَضَان عنْوَة بِالسَّيْفِ، وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي، وَقَالَ أَبُو حنيفَة فتحت صلحا.

وَلما أمكنه اللَّهِ من رِقَاب قُرَيْش قَالَ: " مَا تروني فَاعِلا بكم "؟ قَالُوا لَهُ خيرا أَخ كريم وَابْن أَخ كريم قَالَ: " فاذهبوا فَأنْتم الطُّلَقَاء " وَلما اطْمَأَن النَّاس خرج إِلَى الطّواف فَطَافَ سبعا على رَاحِلَته واستلم الرُّكْن بمحجن كَانَ فِي يَده وَدخل الْكَعْبَة وَرَأى فِيهَا الشخوص على صور الْمَلَائِكَة وَصُورَة إِبْرَاهِيم وَفِي يَده الأزلام يستقسم بهَا فَقَالَ: " قَاتلهم اللَّهِ جعلُوا شَيخنَا يستقسم بالأزلام مَا شَأْن إِبْرَاهِيم والأزلام ".

ثمَّ أَمر بِتِلْكَ الصُّور فطمست وَصلى فِي الْبَيْت.

قلت: وَكَانَ حول الْبَيْت ثلثمِائة وَسِتُّونَ صنما قد أوثقت إِلَى جِدَاره بالرصاص فَجعل

<<  <  ج: ص:  >  >>