ولد عبد اللَّهِ بن عبد الْمطلب قبل الْفِيل بِخمْس وَعشْرين سنة وَكَانَ أَبوهُ يُحِبهُ لِأَنَّهُ كَانَ أحسن أَوْلَاده وأعفهم بَعثه أَبوهُ يمتار لَهُ فَمر بِيَثْرِب فَمَاتَ بهَا ولرسول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - شَهْرَان وَقيل كَانَ حملا وَدفن فِي دَار الْحَارِث بن إِبْرَاهِيم بن سراقَة الْعَدوي وهم أخوال عبد الْمطلب وَقيل فِي دَار النَّابِغَة ببني النجار وَتركته خَمْسَة أجمال وَجَارِيَة حبشية اسْمهَا بركَة وكنيتها أم أَيمن وهى حاضنة رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأما أم رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَهِيَ آمِنَة بنت وهب بن عبد منَاف بن زهرَة بن كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤى بن غَالب بن فهر وَهُوَ قُرَيْش.
" قلت ": تقدم الْخلاف فِي قُرَيْش فَفِي جزمه هُنَا بِأَنَّهُ فهر مَا فِيهِ وَقد يُقَال قطع هُنَا بِأَنَّهُ الْأَصَح وَالله أعلم فَخَطب عبد الْمطلب من وهب سيد بني زهرَة ابْنَته آمنهُ لعبد اللَّهِ فَزَوجهُ بهَا فَولدت رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الأثنين لعشر خلون من ربيع الأول من عَام الْفِيل وَكَانَ قدوم الْفِيل فِي منتصف الْمحرم مِنْهَا وَهِي الثَّانِيَة وَالْأَرْبَعُونَ من ملك كسْرَى أنوشروان وَهِي سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَثَمَانمِائَة لغَلَبَة الْإِسْكَنْدَر على دَارا وَهِي سنة ألف وثلثمائة وست عشرَة لبختنصر وَفِي السَّابِع من وِلَادَته ذبح جده عبد الْمطلب عَنهُ ودعا لَهُ قُريْشًا فَلَمَّا أكلُوا قَالُوا: يَا عبد الْمطلب أَرَأَيْت ابْنك هَذَا الَّذِي أكرمتنا على وَجهه مَا سميته؟ قَالَ: سميته مُحَمَّدًا قَالُوا: فَبِمَ رغبت بِهِ عَن أَسمَاء أهل بَيته قَالَ: أردْت أَن يحمده اللَّهِ فِي السَّمَاء وَخَلفه فِي الأَرْض.
وروى الْبَيْهَقِيّ بأسناده الْمُتَّصِل بِالْعَبَّاسِ رَضِي اللَّهِ عَنهُ قَالَ: ولد رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مختونا مَسْرُورا فأعجب جده عبد الْمطلب وحظي عِنْده وَقَالَ: لَيَكُونن لِابْني هَذَا شَأْن، وبإسناده المنتهي إِلَى مَخْزُوم بن هانىء المَخْزُومِي عَن أَبِيه قَالَ: لما كَانَت اللَّيْلَة الَّتِي ولد فِيهَا رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ارتجس إيوَان كسْرَى وَسَقَطت مِنْهُ أَربع عشرَة شرافة وخمدت نَار فَارس وَلم تخمد قبل ذَلِك بِأَلف عَام، وغاصت بحيرة ساوة وَرَأى الموبذان قَاضِي الْفرس فِي مَنَامه إبِلا صعابا تقود خيلا عرابا قد قطعت دجلة وانتشرت فِي بلادها فَلَمَّا أصبح كسْرَى أفزعه ذَلِك وَاجْتمعَ بموبذان فَقص عَلَيْهِ موبذان أَيْضا مَا رأى فَقَالَ كسْرَى: أَي شَيْء يكون هَذَا فَقَالَ المؤبذان وَكَانَ عَالما: يكون حدث من جِهَة الْعَرَب فَكتب كسْرَى إِلَى النُّعْمَان بن الْمُنْذر أما