أَضْعَف عِنْدِي من الْقوي حَتَّى أَخذ الْحق مِنْهُ، ثمَّ أول شَيْء أَمر بِهِ عزل خَالِد بن الْوَلِيد رَضِي اللَّهِ عَنهُ عَن إمرة الْجَيْش وَولى أَبَا عُبَيْدَة رَضِي اللَّهِ عَنهُ على الْجَيْش وَالشَّام وَهُوَ أول من سمي أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ نَازل أَبُو عُبَيْدَة دمشق من جِهَة بَاب الْجَابِيَة، وخَالِد من جِهَة بَاب توما وَبَاب شَرْقي، وَعَمْرو بن الْعَاصِ من جِهَة أُخْرَى، وحاصروها نَحْو سبعين لَيْلَة، وَفتح خَالِد مَا يَلِيهِ بِالسَّيْفِ فَخرج أهل دمشق من الْجَانِب الآخر وبذلوا الصُّلْح لأبي عُبَيْدَة، وفتحوا لَهُ الْبَاب فَأَمنَهُمْ فَالتقى مَعَ خَالِد فِي وسط الْبَلَد وَفِي أَيَّام عمر فتح الْعرَاق.
ثمَّ دخلت سنة أَربع عشرَة: فِيهَا فِي الْمحرم أَمر عمر بِبِنَاء الْبَصْرَة وَقيل سنة خمس عشرَة.
قلت: وَكَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد أخبر أَنَّهَا تكون مصرا من الْأَمْصَار فَكَانَ كَمَا قَالَ، وَالله أعلم.
وفيهَا توفّي أَبُو قُحَافَة أَبُو أبي بكر الصّديق وعمره سبع وَتسْعُونَ سنة بعد وَفَاة ابْنه أبي بكر رَضِي اللَّهِ عَنْهُمَا.
ثمَّ دخلت سنة خمس عشرَة: فِيهَا فتحت حمص بعد دمشق صَالحهمْ أَبُو عُبَيْدَة بعد حِصَار طَوِيل على مَا صَالح عَلَيْهِ أهل دمشق ثمَّ سَار إِلَى " حماه " وَكَانَت عَظِيمَة زمن سُلَيْمَان بن دَاوُد عَلَيْهِمَا السَّلَام وَذكرت فِي أَخْبَار دَاوُد وَسليمَان وَكَذَلِكَ كَانَت زمن اليونان وَفِي الْفتُوح وَقَبله صغرت هِيَ وشيرز وكانتا من عمل حمص وَكَانَت حمص كرْسِي هَذِه الْبِلَاد وَصَالح أهل حماه أَبَا عُبَيْدَة على الْجِزْيَة وَالْخَرَاج وَجعل كنيستهم الْعُظْمَى جَامعا وَهُوَ بِالسوقِ الْأَعْلَى ثمَّ جدد فِي خلَافَة الْمهْدي من بني الْعَبَّاس وَكَانَ مَكْتُوبًا على لوح مِنْهُ أَنه جدد من خراج حمص.
ثمَّ صَالح أَبُو عُبَيْدَة أهل " شيرز والمعرة " على صلح أهل حماه، وَكَانَ يُقَال لَهَا معرة حمص، ثمَّ قيل معرة النُّعْمَان بن بشير الْأنْصَارِيّ كَانَت مُضَافَة إِلَيْهِ مَعَ حمص فِي خلَافَة مُعَاوِيَة.