للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشرقية الَّتِي بيد الْأَشْرَف بن الْعَادِل ويتسلمها كيكاوس وَسَار إِلَى حلب وَوصل رعبان وَسلمهَا إِلَى الْأَفْضَل فمالت إِلَيْهِ قُلُوب أهل الْبِلَاد لذَلِك ثمَّ فتح تل بَاشر وَبهَا ابْن دلدرم وَأَخذهَا كيكاوس لنَفسِهِ، فَتغير خاطر الْأَفْضَل وَأهل الْبِلَاد لذَلِك، وَوصل الْأَشْرَف بن الْعَادِل إِلَى حلب للدَّفْع عَنْهَا، وَوصل إِلَيْهِ بهَا الْأَمِير مَانع بن جديثة أَمِير الْعَرَب فِي جمع عَظِيم.

وَكَانَ كيكاوس قد تسلم منبج لنَفسِهِ وَنزل الْأَشْرَف بجموعه وَادي بزاعة وَانْقطع بعض عكسره مَعَ مُقَدّمَة عَسْكَر كيكاوس، وانهزمت مُقَدّمَة عَسْكَر كيكاوس وَأسر بَعْضهَا، وَبلغ ذَلِك كيكاوس بمنبج فولى مُنْهَزِمًا، وَتَبعهُ الْأَشْرَف يتخطف أَطْرَافهم، ثمَّ اسْترْجع الْأَشْرَف تل بَاشر ورعبان وَغَيرهمَا، وَتوجه الْأَفْضَل إِلَى سميساط وَلم يطْلب بعْدهَا ملكا، وَعَاد الْأَشْرَف إِلَى حلب وَقد بلغه وَفَاة أَبِيه.

ذكر وَفَاة الْملك الْعَادِل

كَانَ بمرج الصفر وَأرْسل الْعَسْكَر إِلَى ابْنه الْكَامِل بِمصْر، ثمَّ نزل بفالقين عِنْد عقبَة أفِيق، فَمَرض وَتُوفِّي بهَا فِي سَابِع جُمَادَى الْآخِرَة مِنْهَا، ومولده سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة فعمره خمس وَسَبْعُونَ، وَملكه لدمشق ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة، ولمصر تسع عشرَة سنة.

كَانَ يقظاً عَاقِلا حَلِيمًا مَاكِرًا صبوراً، واتسع ملكه وَكثر أَوْلَاده وَرَأى فيهم مَا لَا رَآهُ ملك فِي أَوْلَاده، وَقد أَجَاد شرف الدّين بن عنين حَيْثُ يَقُول فِيهِ:

(مَاذَا على طيف الْأَحِبَّة لَو سرى ... وَعَلَيْهِم لَو سامحوني بالكرا)

وَمِنْهَا:

(الْعَادِل الْملك الَّذِي أسماؤه ... فِي كل نَاحيَة تشرف منبرا)

(مَا فِي أبي بكر لمعتقد الْهدى ... شكّ يريب بِأَنَّهُ خير الورى)

(بَين الْمُلُوك الغابرين وَبَينه ... فِي الْفضل مَا بَين الثريا وَالثَّرَى)

(نسخت خلائقه الحميدة مَا أَتَى ... فِي الْكتب عَن كسْرَى الْمُلُوك وقيصرا)

(لَا تسمعن بِحَدِيث ملك غَيره ... يرْوى فَكل الصَّيْد فِي جَوف الفرا)

(وَله الْمُلُوك بِكُل أَرض مِنْهُم ... ملك يجر إِلَى الأعادي عسكرا)

(من كل وضاح الجبين تخاله ... بَدْرًا فَإِن شهد الوغى فغضنفرا)

وَخلف الْعَادِل سِتَّة عشر ابْنا وَمَات وَالْكل غائبون، ثمَّ حضر ابْنه الْمُعظم عِيسَى من نابلس وكتم مَوته وَأَعَادَهُ فِي محفة إِلَى دمشق واحتوى على جواهره وسلاحه وخيله وَغَيرهَا، فِي دمشق أظهر مَوته وَحلف النَّاس وَجلسَ للعزاء وَكتب إِلَى الْمُلُوك بِمَوْتِهِ.

وَكَانَ فِي خزانَة الْعَادِل لما توفّي سَبْعمِائة ألف دِينَار، وَبلغ الْكَامِل موت أَبِيه وَهُوَ فِي قتال الفرنج، فاختلفت العساكر عَلَيْهِ فَتَأَخر عَن مَنْزِلَته وطمعت الفرنج ونهبت بعض الأثقال، وعزم عماد الدّين أَحْمد بن سيف الدّين عَليّ بن أَحْمد المشطوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>