للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

للرسول: لَيْسَ هَذِه السَّاعَة الَّتِي يَنْبَغِي لَك أَن تزيلني عَن موقفي، فَرجع الرَّسُول وَأخْبرهُ بالْخبر وَارْتَفَعت الْأَصْوَات وَكثر الرهج من جِهَة الشتر، فَقَالُوا لعَلي: مَا نرَاك أَمرته إِلَّا بِالْقِتَالِ، فَقَالَ: هَل رَأَيْتُمُونِي ساررت الرَّسُول إِلَيْهِ أَلَيْسَ كَلمته وَأَنْتُم تَسْمَعُونَ؟ قَالُوا: فأبعث إِلَيْهِ ليأتك وَإِلَّا اعتزلناك، فَرجع إِلَيْهِ الرَّسُول وأعلمه فَقَالَ: قد علمت وَالله أَن رفع الْمَصَاحِف يُوقع اخْتِلَافا وَأَنَّهَا مشورة ابْن العاهرة، وَرجع الأشتر إِلَى عَليّ وَقَالَ خدعتم فانخدعتم، وَكَانَ غَالب من نهى عَن الْقِتَال قراء.

وَلما كفوا عَن الْقِتَال سَأَلُوا مُعَاوِيَة لأي شَيْء رفعت الْمَصَاحِف؟ قَالَ: لتنصبوا حكما مِنْكُم وَحكما منا ونأخذ عَلَيْهِمَا أَن يعملا بِمَا فِي كتاب اللَّهِ ثمَّ نتبع مَا اتفقَا عَلَيْهِ، فَأجَاب الْفَرِيقَانِ إِلَى ذَلِك؛ فَقَالَ الْأَشْعَث بن قيس وَهُوَ من أكبر الْخَوَارِج: إِنَّا قد رَضِينَا بِأبي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ، فَقَالَ عَليّ: قد عصيتموني فِي أول الْأَمر فَلَا تعصوني الْآن لَا أرى أَن أولي أَبَا مُوسَى، فَقَالُوا: لَا نرضى إِلَّا بِهِ، فَقَالَ عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ: إِنَّه قد فارقني وخذل عني النَّاس ثمَّ هرب مني حِين أمنته بعد أشهر وَلَكِن ابْن عَبَّاس أولى مِنْهُ، فَقَالُوا: ابْن عَبَّاس ابْن عَمَلك وَلَا نُرِيد إِلَّا رجلا هُوَ مِنْك وَمن مُعَاوِيَة سَوَاء، قَالَ عَليّ: فالأشتر، فَأَبَوا وَقَالُوا: وَهل أسعرها إِلَّا الأشتر.

فاضطر عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ إِلَى إجابتهم وَأخرج أَبَا مُوسَى، وَأخرج مُعَاوِيَة عَمْرو بن الْعَاصِ، وَاجْتمعَ الحكمان عِنْد عَليّ وَكتب بِحُضُورِهِ: هَذَا مَا تقاضى عَلَيْهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ عَليّ، فَقَالَ عَمْرو: وَهُوَ أميركم وَأما أميرنا فَلَا؟ فَقَالَ الْأَحْنَف: لَا تمحوا اسْم أَمِير الْمُؤمنِينَ، فَقَالَ الْأَشْعَث بن قيس: امح هَذَا الِاسْم، فَأجَاب عَليّ ومحاه وَقَالَ: اللَّهِ أكبر سنة بِسنة وَالله إِنِّي لكاتب رَسُول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يَوْم الْحُدَيْبِيَة فَكتبت مُحَمَّد رَسُول اللَّهِ فَقَالُوا: لست برَسُول اللَّهِ وَلَكِن اكْتُبْ بِاسْمِك وَاسم أَبِيك فَأمرنِي رَسُول اللَّهِ بمحوه فَقلت لَا أَسْتَطِيع قَالَ: فأرني فأريته فمحاه بِيَدِهِ ثمَّ قَالَ: إِنَّك ستدعى إِلَى مثلهَا فتجيب.

فَقَالَ عَمْرو: سُبْحَانَ اللَّهِ أتشبهنا بالكفار وَنحن مُؤمنُونَ؟ فَقَالَ عَليّ: يَا ابْن النَّابِغَة وَمَتى لم تكن للفاسقين وليا وَلِلْمُؤْمنِينَ عدوا؟ فَقَالَ عَمْرو: وَالله لَا يجمع بيني وَبَيْنك مجْلِس بعد الْيَوْم، فَقَالَ عَليّ رَضِي اللَّهِ عَنهُ: إِنِّي لأرجو أَن يطهر اللَّهِ مجلسي مِنْك وَمن أشباهك.

وَكتب الْكتاب فَمِنْهُ: هَذَا مَا تقاضي عَلَيْهِ عَليّ بن أبي طَالب وَمُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان قَاضِي عَليّ على أهل الْكُوفَة وَمن مَعَهم وقاضي مُعَاوِيَة على أهل الشَّام وَمن مَعَهم أَنا ننزل عِنْد حكم اللَّهِ وَكتابه نحيي مَا احيا ونميت مَا امات فَمَا وجد الحكمان فِي كتاب اللَّهِ وهما أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيّ عبد اللَّهِ بن قيس وَعَمْرو بن الْعَاصِ عملا بِهِ وَمَا لم يجدا فِي كتاب اللَّهِ فَالسنة العادلة وَأخذ الحكمان من عَليّ وَمُعَاوِيَة وَمن الجندين المواثيق أَنَّهُمَا أمينان على أَنفسهمَا وأهلهما وَالْأمة لَهما أنصار على الَّذِي يتقاضيان عَلَيْهِ وأجلا الْقَضَاء إِلَى رَمَضَان من

<<  <  ج: ص:  >  >>