ثَلَاث وَأَرْبَعُونَ، وَأم المسترشد أم ولد، وَكَانَ فصيحاً حسن الْخط شجاعاً.
" فبويع ابْنه الراشد بِاللَّه " وَهُوَ الثَّلَاثُونَ مِنْهُم أَبُو جَعْفَر مَنْصُور بن المسترشد فضل بن المستظهر مَعَ عهد سبق من أَبِيه وَذَلِكَ فِي السَّابِع وَالْعِشْرين من ذِي الْقعدَة مِنْهَا، وَكتب مَسْعُود إِلَى بَغْدَاد بذلك فَحَضَرَ بيعَته أحد وَعِشْرُونَ من أَبنَاء الْخُلَفَاء.
وفيهَا: قتل السُّلْطَان مَسْعُود دبيس بن صَدَقَة بِظَاهِر خوي، وَكَانَ ابْنه صَدَقَة بالحلة فَلَمَّا بلغه الْخَبَر اجْتمع عَلَيْهِ عَسْكَر أَبِيه.
وفيهَا: استولى الفرنج على جَزِيرَة جربه من أَعمال إفريقية، وهرب أسر من بهَا من الْمُسلمين.
وفيهَا: صَالح الْمُسْتَنْصر بن هود الفرنج على تَسْلِيم حصن زوطه من الأندلس إِلَى صَاحب طليطلة الفرنجي.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة فِيهَا: فِي ربيع الأول تسلم شهَاب الدّين مَحْمُود بن بوري صَاحب دمشق حمص وقلعتها من أَوْلَاد الْأَمِير قرجان لضجرهم من كَثْرَة تعرض زنكي إِلَيْهَا وعوضهم بتدمر، فتابع زنكي الغارات عَلَيْهَا إِلَى أَن صَالحه مَحْمُود بن بوري، فَكف زنكي حِينَئِذٍ عَنْهَا، وفيهَا سَارَتْ عَسَاكِر زنكي الدّين بحلب وحماه ومقدمهم أسوار نَائِب زنكي بحلب إِلَى الفرنج فِي نواحي اللاذقية، وأوقعوا بالفرنج وامتلأوا كسباً وأسراً وعادوا.
خلع الراشد وَولَايَة المقتفي
وَهُوَ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ مِنْهُم: كَانَ الراشد قد اتّفق مَعَ زنكي وَغَيره على خلاف السُّلْطَان مَسْعُود وَطَاعَة دَاوُد بن السُّلْطَان مَحْمُود، فَجمع مَسْعُود العساكر وَحصر بَغْدَاد نيفاً وَخمسين يَوْمًا فَلم يظفر بهم، فارتحل إِلَى النهروان، ثمَّ وصل طرنطاي بسفن كَثِيرَة فَعَاد مَسْعُود إِلَى بَغْدَاد وَعبر إِلَى غربي دجلة وَاخْتلف عَسْكَر بَغْدَاد فَعَاد الْملك دَاوُد إِلَى بِلَاد أذربيجان فِي ذِي الْقعدَة، وَسَار الْخَلِيفَة الراشد مَعَ عماد الدّين زنكي إِلَى الْموصل فَسَار مَسْعُود إِلَى بَغْدَاد، وَاسْتقر بهَا فِي منتصف ذِي الْقعدَة، وَجمع الْقُضَاة والأكابر وخلع الراشد لكَونه عاهده أَن لَا يقاتله، وَمَتى خَالف فقد خلع نَفسه، فَكَانَت خلَافَة الراشد أحد عشر شهرا وَأحد عشر يَوْمًا، ثمَّ بَايع المقتفي لأمر الله مُحَمَّد بن المستظهر، والمقتفي عَم الراشد هُوَ والمسترشد ابْنا المستظهر وليا الْخلَافَة، وَكَذَا السفاح والمنصور أَخَوان، وَكَذَا الْمهْدي والرشيد أَخَوان، وَكَذَلِكَ الواثق والمتوكل.