الله مُسلم بن خَالِد الزنْجِي عَن ابْن جريح عَن عَطاء عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُم وَعَن إِمَام حرم سَوَّلَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر وَابْن عَبَّاس وَابْن عمر رَضِي الله عَنْهُم عَن نَبينَا سيد الْمُرْسلين مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَصْحَابه أفضل صلواته عدد معلوماته، وَله نظم قَلِيل فَمِنْهُ مَا كتب بِهِ إِلَى صَاحب حماه يَدعُوهُ إِلَى وَلِيمَة:
(طَعَام الْعرس مَنْدُوب إِلَيْهِ ... وَبَعض النَّاس صرح بِالْوُجُوب)
(فجبرا بالتناول مِنْهُ جَريا ... على الْمَعْهُود فِي جبر الْقُلُوب)
وَمن نثره الَّذِي يقْرَأ طرداً وعسكاً قَوْله:
سور حماه بربها محروس.
وَلما بَلغنِي خبر وَفَاته كتبت كتابا إِلَى ابْنه القَاضِي نجم الدّين عبد الرَّحِيم بن القَاضِي شمس الدّين إِبْرَاهِيم بن قَاضِي الْقُضَاة شرف الدّين الْمَذْكُور.
صورته: وَينْهى أَنه بلغ الْمَمْلُوك وَفَاة الحبر الراسخ بل انهداد الطود الشامخ وَزَوَال الْجَبَل الباذخ الَّذِي بكته السَّمَاء وَالْأَرْض وقابلت فِيهِ الْمَكْرُوه بالندب وَذَلِكَ فرض فشرقت أجفان الْمَمْلُوك بالدموع وَاحْتَرَقَ قلبه بَين الضلوع، وساواه فِي الْحزن الصَّادِر الْوَارِد وَاجْتمعت الْقُلُوب لما تمّ لمأتم وَاحِد فالعلوم تبكيه والمحاسن تعزى فِيهِ وَالْحكم ينعاه وَالْبر يتفداه والأقلام تمشي على الرؤس لفقده والمصنفات تلبس حداد المداد من بعده، وَلما صلي عَلَيْهِ يَوْم الْجُمُعَة صَلَاة الْغَائِب بحلب اشْتَدَّ الضجيج وارتفع النشيج وعلت الْأَصْوَات فَلَا خَاص إِلَّا حزن قلبه وَلَا عَام إِلَّا طَار لبه فَإِنَّهُ مثاب زلزل الأَرْض وَهدم الْكَرم الْمَحْض وسلب الْأَبدَان قواها وَمنع عُيُون الْأَعْيَان كراها، وَلَكِن عزى النَّاس لفقده كَون مَوْلَانَا الْخَلِيفَة من بعده فَإِنَّهُ بِحَمْد الله خلف عَظِيم لسلف كريم، وَهُوَ أولى من قَابل هَذَا الفادح القادح بالرضى وَسلم إِلَى الله سُبْحَانَهُ فِيمَا قضى فَإِنَّهُ سُبْحَانَ يحيى مَا كَانَت الْحَيَاة أصلح وَيُمِيت إِذا كَانَت الْوَفَاة أروح.
وَقد نظم الْمَمْلُوك فِيهِ مرثية أعجزه عَن تحريرها اضطرام صَدره وَحمله على تسطيرها انتهاب صبره، وَهَا هِيَ:
(برغمي أَن بَيتكُمْ يضام ... وَيبعد عَنْكُم القَاضِي الإِمَام)
(سراج للعلوم إضاء دهراً ... على الدُّنْيَا لغيبته ظلام)
(تعطلت المكارم والمعالي ... وَمَات الْعلم وارتفع الطغام)
(عجبت لفكرتي سمحت بنظم ... أيسعدني على شَيْخي نظام)
(وأرثيه رثاء مُسْتَقِيمًا ... ويمكنني القوافي وَالْكَلَام)
(وَلَو أنصفنه لقضيت نحبي ... فَفِي عنقِي لَهُ نعم جسام)
(حَشا أُذُنِي درا ساقطته ... عيوني يَوْم حم لَهُ الْحمام)
(لقد لؤم الْحمام فَإِن رَضِينَا ... بِمَا يجنى فَنحْن إِذا لئام)