(أَلا يَا عامنا لَا كنت عَاما ... فمثلك مَا مضى فِي الدَّهْر عَام)
(أتفجعنا بكناني مصر ... وَكَانَ بِهِ لساكنها اعتصام)
(وتفتك بِابْن جملَة فِي دمشق ... وبعلوها لمصرعه القتام)
(وَكَانَ ابْن المرحل حِين يبكي ... لخوف الله تبتسم الشَّام)
(وَحبر حماة تَجْعَلهُ ختاماً ... أذاب قُلُوبنَا هَذَا الختام)
(وَلما قَامَ ناعيه استطارت ... عقول النَّاس واضطرب الْأَنَام)
(وَلَو يبْقى سلونا من سواهُ ... فَإِن بِمَوْتِهِ مَاتَ الْكِرَام)
(أألهو بعدهمْ وَأقر عينا ... حَلَال اللَّهْو بعدهمْ حرَام)
(فيا قَاضِي الْقُضَاة دُعَاء صب ... برغمي أَن يغيرك الرغام)
(وَيَا شرف الْفَتَاوَى والدعاوى ... على الدُّنْيَا لغيبتك السَّلَام)
(وَيَا ابْن الْبَارِزِيّ إِذا بَرَزْنَا ... بِثَوْب الْحزن فِيك فَلَا نلام)
(سقى قبراً حللت بِهِ غمام ... من الأجفان إِن بخل الْغَمَام)
(إِلَى من ترحل الطلاب يَوْمًا ... وَهل يُرْجَى لذِي نقص تَمام)
(وَمن للمشكلات وللفتاوى ... وَفضل الْأَمْرَانِ عظم الْخِصَام)
(وَكَانَ خَليفَة فِي كل فن ... وعينا للخليفة لَا تنام)
(أَلا يَا بَابه لَا زَالَت قصدا ... لأهل الْعلم يغشاك الزحام)
(فَإِن حفيد شيخ الْعَصْر بَاقٍ ... يقل بِهِ على الدَّهْر الملام)
(أنجم الدّين مثلك من تسلى ... إِذا فدحت من النوب الْعِظَام)
(وَفِي بقياك عَن ماضٍ عزاء ... قيامك بعده نعم الْقيام)
(إِذا ولى لبيتكم إِمَام ... عديم الْمثل يخلفه إِمَام)
(وَفِي خير الْأَنَام لكم عزاء ... وَلَيْسَ لساكن الدُّنْيَا دوَام)
(أَنا تلميذ بَيتكُمْ قَدِيما ... بكم فخري إِذا افتخر الْأَنَام)
(وَإِن كُنْتُم بِخَير كنت فِيهِ ... ويرضيني رضاكم وَالسَّلَام)
(لكم مني الدُّعَاء بِكُل أَرض ... وَنشر الذّكر مَا ناح الْحمام)
ثمَّ دخلت سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة: فِيهَا فِي الْمحرم توفّي بِمصْر شَيخنَا قَاضِي الْقُضَاة فَخر الدّين عُثْمَان بن زين الدّين عَليّ بن عُثْمَان الْمَعْرُوف بِابْن خطيب جبرين قَاضِي حلب وَابْنه كَمَال الدّين مُحَمَّد وَذَلِكَ أَن الشناعات كثرت عَلَيْهِ فَطَلَبه السُّلْطَان على الْبَرِيد إِلَيْهِ فَحَضَرَ عِنْده وَقد طَار لبه وَخرج وَقد انْقَطع قلبه وتمرض بِمصْر مُدَّة وأراحه الله بِالْمَوْتِ من تِلْكَ الشدَّة وَحسب المنايا أَن يكن أمانياً وَلَقَد كَانَ رَحمَه الله فَاضلا فِي الْفِقْه وَالْأُصُول والنحو والتصريف والقراءآت مشاركاً فِي الْمنطق وَالْبَيَان وَغَيرهمَا، وَله الشَّرْح الشَّامِل الصَّغِير وَيدل حلّه إِيَّاه على ذكاء مفرط، وَله شرح مُخْتَصر ابْن الْحَاجِب فِي الْأُصُول وَشرح البديع لِابْنِ الساعاتي فِي الْأُصُول أَيْضا وفرائض نظم وفرائض نثر ومجموع صَغِير فِي اللُّغَة