للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ وصل جنكيز خَان بِنَفسِهِ فِي جيوشه فَلم يكن لجلال الدّين بِهِ قدرَة بعد مسير بغراق وجيشه فقصد جلال الدّين الْهِنْد، وَتَبعهُ جنكيز خَان حَتَّى أدْركهُ على نهر السَّنَد وَلم يلْحق جلال الدّين وَمن مَعَه أَن يعبروا النَّهر فاضطروا إِلَى الْقِتَال فقاتلوهم قتالاً لم يسمع بِمثلِهِ، وصبر الْفَرِيقَانِ ثمَّ تَأَخّر كل مِنْهُمَا عَن الآخر فَعبر جلال الدّين النَّهر إِلَى جِهَة الْهِنْد.

وَعَاد جنكيز خَان فاستولى على غزنة قتلا ونهباً، وَكَانَ قد سَار من التتر فرقة عَظِيمَة إِلَى القفجاق فقاتلوهم وهزموهم.

واستولوا على مَدِينَة القفجاق الْعُظْمَى وَتسَمى سوادق، وَكَذَلِكَ فعلوا بِقوم يُقَال لَهُم الكزى بِلَادهمْ قرب دربند شرْوَان، ثمَّ سَار التتر إِلَى الروس، وانضم إِلَى الروس القفجاق، وقاتلوهم قتالا عَظِيما، فانتصر التتر وشردوهم قتلا وهرباً فِي الْبِلَاد.

وفيهَا: فِي شَوَّال توفّي رَضِي الدّين الْمُؤَيد بن مُحَمَّد بن عَليّ الطوسي الأَصْل النَّيْسَابُورِي الدَّار الْمُحدث أَعلَى الْمُتَأَخِّرين إِسْنَادًا، سمع مُسلما من الْفَقِيه أبي عبد الله مُحَمَّد بن الْفضل الفراوي، الْمُتَوفَّى سنة ثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة، قَرَأَ الفراوي الْأُصُول على إِمَام الْحَرَمَيْنِ، وَسمع مُسلما على عبد الْغفار الْفَارِسِي الإِمَام فِي الحَدِيث، المتوفي سنة تسع وَعشْرين وَخَمْسمِائة، ومولد رَضِي الدّين الْمُؤَيد سنة أَربع وَعشْرين وَخَمْسمِائة ظنا.

عود دمياط إِلَى الْمُسلمين

ثمَّ دخلت سنة ثَمَان عشرَة وسِتمِائَة: فِيهَا تقدم الفرنج إِلَى جِهَة مصر ووصلوا المنصورة وَاشْتَدَّ الْقِتَال بَين الْفَرِيقَيْنِ برا وبحراً، وَسَار الْمُعظم عِيسَى بن الْعَادِل صَاحب دمشق إِلَى أَخِيه الْأَشْرَف ببلاده الشرقية، وَطلب مِنْهُ الْمسير إِلَى أخيهما الْكَامِل فَجمع الْأَشْرَف عساكره واستصحب عَسْكَر حلب واستصحب النَّاصِر صَاحب حماه خَائفًا على حماه الْكَامِل أَن يسلم حماه إِلَى المظفر فَحلف الْأَشْرَف للناصر أَنه لَا يُمكن الْكَامِل مِنْهُ، واستصحب أَيْضا الأمجد صَاحب بعلبك والمجاهد شيركوه بن مُحَمَّد بن شيركوه صَاحب حمص، وَسَار الْمُعظم بعسكر دمشق ووصلوا إِلَى الْكَامِل وَهُوَ فِي قتال الفرنج على المنصورة فَركب وتلقاهم وَأكْرمهمْ وقويت نفوس الْمُسلمين، وَضعف الفرنج مِمَّا شاهدوه من كَثْرَة عَسَاكِر الْإِسْلَام وتحملهم.

وَاشْتَدَّ الْقِتَال بَين الْفَرِيقَيْنِ ورسل الْملك الْكَامِل وَإِخْوَته مترددة إِلَى الفرنج فِي الصُّلْح وبذل لَهُم الْمُسلمُونَ تَسْلِيم الْقُدس وعسقلان وطبرية واللاذقية وجبلة وَجَمِيع مَا فَتحه صَلَاح الدّين من السَّاحِل إِلَى الكرك والشوبك على أَن يصالحوا ويسلموا دمياط فَأَبَوا ذَلِك وطلبوا ثَلَاثمِائَة ألف دِينَار عوضا عَن تخريب سور الْقُدس، وَقَالُوا: لَا بُد من تَسْلِيم الكرك والشوبك، وَبينا الْأَمر مُتَرَدّد فِي الصُّلْح والفرنج ممتنعون إِذْ عبر جمَاعَة من عَسْكَر الْمُسلمين فِي بَحر الْمحلة إِلَى الأَرْض الَّتِي عَلَيْهَا الفرنج من دمياط، فَحَفَرُوا حُفْرَة عَظِيمَة من النّيل فِي قُوَّة زِيَادَته والفرنج لَا خبْرَة لَهُم بِأَمْر النّيل، فَركب المَاء تِلْكَ الأَرْض وَصَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>