وَجلسَ بعده على سجادته ابْنه الشَّيْخ إِبْرَاهِيم فَسَار أحسن سير ودعا إِلَى الله تَعَالَى على قَاعِدَة وَالِده وَرجع من أهل بلد سرمين خلق إِلَى السّنة وقاسى من أَهله شَدَائِد وَسَببه قتل ملك الْأُمَرَاء بحلب يَوْمئِذٍ سيف الدّين قبجق الشَّيْخ الزنديق منصوراً من تار وَجَرت بِسَبَب قَتله فتن فِي بلد سرمين، وَلم يزل الشَّيْخ إِبْرَاهِيم على أحسن سيرة وأصدق سريرة إِلَى أَن توفّي إِلَى رَحمَه الله تَعَالَى فِي ذِي الْحجَّة سنة سِتّ عشرَة وَسَبْعمائة.
وَجلسَ بعده على سجادته ابْنه الشَّيْخ الصَّالح إِسْمَاعِيل بن الشَّيْخ إِبْرَاهِيم بن الْقدْوَة مهنا فَسَار أحسن سير وقاسى من الشِّيعَة غبوناً وَلم يزل على أحسن طَريقَة إِلَى أَن توفّي إِلَى رَحمَه الله تَعَالَى فِي ثامن صفر سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَجلسَ بعده على السجادة أَخُوهُ لِأَبَوَيْهِ الشَّيْخ الصَّالح مهنا بن إِبْرَاهِيم بن مهنا إِلَى أَن توفّي فِي خَامِس عشر شَوَّال سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة كَمَا مر، وتأسف النَّاس لمَوْته فَإِنَّهُ كَانَ كثير الْعِبَادَة حسن الطَّرِيقَة عَارِفًا.
وَجلسَ بعده على السجادة أَخُوهُ لِأَبِيهِ الشَّيْخ حسن، وَكَانَ شَيخنَا عبس يحب مهنا هَذَا محبَّة عَظِيمَة ويعظمه وَيَقُول عَنهُ: مهنا مهنا يَعْنِي أَنه يشبه فِي الصّلاح وَالْخَيْر جده وهم الْيَوْم وَللَّه الْحَمد بالفوعة جمَاعَة كَثِيرَة وَكلهمْ على خير وديانة، وَقد أجزل الله عَلَيْهِم الْمِنَّة وجعلهم بِتِلْكَ الأَرْض ملْجأ لأهل السّنة وَلَو ذكرت تفاصيل سيرة الشَّيْخ مهنا الْكَبِير وَأَوْلَاده وَأَصْحَابه وكراماتهم لطال القَوْل وَالله تَعَالَى أعلم.
وفيهَا: مَاتَ القان أَبُو سعيد بن خزبنده بن أرغون بن أبغا بن هولاكو صَاحب الشرق، وَدفن بِالْمَدِينَةِ السُّلْطَانِيَّة وَله بضع وَثَلَاثُونَ سنة، وَكَانَت دولته عشْرين سنة، وَكَانَ فِيهِ دين وعقل وَعدل، وَكتب خطا مَنْسُوبا وأجاد ضرب الْعود، باشتغال التتر بوفاته تمَكنا من عمَارَة قلعة جعبر بعد أَن كَانَت هِيَ وبلدها دَائِرَة من أَيَّام هولاكو فَللَّه الْحَمد.
وفيهَا: توفّي بِدِمَشْق الإمامان مدرس الناصرية كَمَال الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد بن الشِّيرَازِيّ وَله سِتّ وَسِتُّونَ سنة وَقد ذكر لقَضَاء دمشق ومدرس الأمينية قَاضِي الْعَسْكَر عَلَاء الدّين عَليّ بن مُحَمَّد بن القلانسي وَله ثَلَاث وَسِتُّونَ سنة وناظر الخزانة عز الدّين أَحْمد بن مُحَمَّد الْعقيلِيّ بن القلانسي الْمُحْتَسب بهَا.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة: فِيهَا فِي ربيع الأول توفّي الْأَمِير الشَّاب الْحسن جمال الدّين خضر بن ملك الْأُمَرَاء عَلَاء الدّين الطنبغا بحلب وَدفن بالْمقَام ثمَّ عمل لَهُ وَالِده تربة حَسَنَة عِنْد جَامِعَة خَارج حلب وَنقل إِلَيْهَا وَكَانَ حسن السِّيرَة لَيْسَ من إعجاب أَوْلَاد النواب فِي شَيْء. (وَمِمَّا قلت فِيهِ تضميناً)