انْكَسَرَ جَيْشه على حمص، وَيُسمى هَؤُلَاءِ الوافدين العويراتبة، كَانَ طرغية اتّفق مَعَ بيدو على قتل كيختو بن أبغا فَلَمَّا ملك قازان قصد قتل طرغية أخذا بثأر عَمه كيختو فهرب مِنْهُ وَأكْرمهمْ الْعَادِل كتبغا وأنزلهم بالسَّاحل قرب قاقون وأدر عَلَيْهِم الأرزاق وأحضر كبراءهم إِلَى مصر وأقطعهم جَلِيلًا وخلع عَلَيْهِم وَقَدَّمَهُمْ على غَيرهم.
وفيهَا: فِي شَوَّال خرج الْعَادِل كتبغا من مصر وَوصل دمشق ثمَّ حمص ثمَّ جوسيه متصيداً.
وَكَانَ قد اشْتَرَاهَا خراباً وعمرها فرآها وَعَاد إِلَى دمشق وعزل عز الدّين أيبك الْحَمَوِيّ عَن نِيَابَة الشَّام وَولى مَوْضِعه سيف الدّين غرلو مَمْلُوك الْعَادِل كتبغا وَخرجت السّنة والعادل بِدِمَشْق.
قلت: وفيهَا توفّي قَاضِي الْقُضَاة تَقِيّ الدّين عبد الرَّحْمَن بن قَاضِي الْقُضَاة تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن بنت الْأَعَز بِمصْر كهلاً، وَشَيخ الْحَنَفِيَّة الصاحب الْعَلامَة محيي الدّين مُحَمَّد بن يَعْقُوب بن النّحاس الْأَسدي الْحلَبِي بالمزة، وَله إِحْدَى وَثَمَانُونَ سنة، وَشَيخ الْحَنَابِلَة الْعَلامَة زين الدّين المنجا بن عُثْمَان بن المنجا التنوخي المعري، وَله أَربع وَسِتُّونَ سنة، والزاهد الشَّيْخ شرف الدّين مُحَمَّد بن عبد الْملك بن عمر الأرزوي التونيني بِبَيْت لهيا، كَانَ مَقْصُودا بالزيارة والتبرك وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة: فِي أوائلها سَار كتبغا من دمشق إِلَى مصر فَلَمَّا اسْتَقر بدهليزه على نهر العوجاء وتفرق مماليكه وَغَيرهم إِلَى خيامهم ركب حسام الدّين لاجين المنصوري نَائِبه بصنجق ونقارة وانضم إِلَيْهِ البيسري وقرا سنقر وقبجق المنصوريان والحاج بهادر الظَّاهِرِيّ وَغَيرهم وبغتوا الْعَادِل الظّهْر فِي دهليزه فَمَا لحق يجمع أَصْحَابه وَركب فِي نفر قَلِيل فَحمل عَلَيْهِ نَائِبه لاجين وَقتل بكتوت الْأَزْرَق وبتخاص أكبر المماليك العادلية فهرب الْعَادِل إِلَى دمشق لِأَن فِيهَا مَمْلُوكه غرلو فَتَلقاهُ غرلو وَدخل قلعة دمشق وتأهب لقِتَال لاجين فَلم يُوَافقهُ عَسْكَر دمشق فَخلع نَفسه وَقعد بقلعة دمشق وَأرْسل يطْلب من لاجين الْأمان وموضعاً يؤويه فَأعْطَاهُ صرخد، فاستقر الْعَادِل بهَا إِلَى أَن كَانَ مَا سَيذكرُ إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَأما لاجين فَلَمَّا هزم الْعَادِل نزل بدهليزه على نهر العوجاء وَشرط عَلَيْهِ الْأُمَرَاء الَّذين وافقوه شُرُوطًا التزمها.