للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ الشَّافِعِي: حفظت الْقُرْآن وَأَنا ابْن تسع سِنِين، وحفظت الْمُوَطَّأ وَأَنا ابْن عشر، وقدمت على مَالك وَأَنا ابْن خمس عشرَة سنة. وَقَالَ: رَأَيْت عَليّ بن أبي طَالب رَضِي اللَّهِ عَنهُ فِي مَنَامِي فَسلم عَليّ وصافحني وَجعل خَاتمه فِي إصبعي ففسر أَن مصافحته أما من الْعَذَاب وَجعله الْخَاتم فِي إصبعي أَنه سيبلغ اسْمِي مَا بلغ اسْم عَليّ فِي الْمشرق وَالْمغْرب.

وناظر الشَّافِعِي مُحَمَّد بن الْحسن بالرقة فَقَطعه الشَّافِعِي، وَكَانَ الشَّافِعِي حَافِظًا للشعر قَرَأَ عَلَيْهِ الْأَصْمَعِي ديوَان الهذليين وديوان الشنفري بِمَكَّة. وَكَانَ أَحْمد بن حَنْبَل يَقُول: مَا عرفت نَاسخ الحَدِيث ومنسوخه حَتَّى جالست الشَّافِعِي.

وَقدم الشَّافِعِي بَغْدَاد مرَّتَيْنِ سنة خمس وَسبعين وَمِائَة وَسنة ثَمَان وَسبعين وَمِائَة وناظر بشرا المريسي المعتزلي بهَا، وناظر حفصا الْفَرد بِمصْر، قَالَ حَفْص: الْقُرْآن مَخْلُوق وَاسْتدلَّ، فتجاريا حَتَّى كفره الشَّافِعِي وَقَالَ: إِنَّمَا خلق اللَّهِ الْخلق بكن فَإِذا كَانَت كن مخلوقة فَكَانَ مخلوقا خلق بمخلوق.

وَنظر فِي النُّجُوم وَهُوَ حدث، وَمَا نظر فِي شَيْء إِلَّا فاق فِيهِ، حبلت امْرَأَته فَحسب وَقَالَ: تَلد جَارِيَة عوراء على فرجهَا خَال أسود تَمُوت إِلَى كَذَا وَكَذَا، فَولدت فَكَانَ كَمَا قَالَ، فَجعل على نَفسه أَن لَا ينظر فِيهِ بعْدهَا وَدفن الْكتب الَّتِي كَانَت عِنْده فِي النُّجُوم، وَأنكر الشَّافِعِي على أهل الْكَلَام وعَلى من يشْتَغل فِيهِ.

وَله أشعار فائقة مِنْهَا:

(وأحق خلق اللَّهِ بالهم امْرُؤ ... ذُو همة يبْلى بعيش ضيق)

وَله

(أكل الْعقَاب بِقُوَّة جيف الفلا ... وجنى الذُّبَاب الشهد وَهُوَ ضَعِيف)

قلت: وَسَأَلَ بعض مُلُوك الشَّام عَن حلية الشَّافِعِي فَلم يكن بِبَلَدِهِ من يقوم بهَا، ثمَّ بلغ ذَلِك الشَّيْخ الْعَلامَة تَقِيّ الدّين أَبَا عَمْرو وَعُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن بن عُثْمَان الْمَعْرُوف بِابْن الصّلاح فَقَالَ: كَانَ رَضِي اللَّهِ عَنهُ وَجَزَاء الْخَيْر طَويلا سَائل الْخَدين قَلِيل لحم الْوَجْه طَوِيل الْعُنُق طَوِيل الْقصب أسمر خَفِيف العارضين يخضب لحيته بِالْحِنَّاءِ حَمْرَاء قانية حسن الصَّوْت حسن السمت عَظِيم الْعقل حسن الْوَجْه حسن الْخلق مهيبا فصيحا من أذرب النَّاس لِسَانا إِذا أخرج لِسَانه بلغ أَنفه، وَكَانَ مسقاما مملوءا بالبوااسير، وَالله أعلم.

وفيهَا: مَاتَ الْحُسَيْن بن زِيَاد اللؤْلُؤِي أحد أَصْحَاب أبي حنيفَة وَأَبُو دَاوُد سُلَيْمَان الطَّيَالِسِيّ صَاحب الْمسند، ومولده سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَمِائَة. وفيهَا: توفّي النَّضر - بالضاد الْمُعْجَمَة - بن شُمَيْل - بِضَم الشين - بن خَرشَة - بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة - الْبَصْرِيّ - النَّحْوِيّ، وَلما خرج من الْبَصْرَة إِلَى خُرَاسَان طلع لوداعه نَحْو ثَلَاثَة آلَاف من الْأَعْيَان، فَقَالَ: وَالله لَو وجدت كل يَوْم كيلجة باقلاء مَا فارقتكم، فتمول وأثرى بمرو من خُرَاسَان.

<<  <  ج: ص:  >  >>