خُرَاسَان، فَسَار سبكتكتين عَن غزنة وَمَعَهُ ابْنه مَحْمُود إِلَى نَحْو خُرَاسَان وَسَار نوح من بخارا فَاجْتمعُوا وقصدوا ابْن سيجمور وفائقا واقتتلوا بنواحي هراة، فَانْهَزَمَ ابْن سيجمور وَأَصْحَابه وتبعهم عَسْكَر نوح وسبكتكين يقتلُون، ثمَّ اسْتعْمل نوح على خُرَاسَان مَحْمُود بن سبكتكين.
وفيهَا: توفّي عبيد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن نَافِع الصَّالح بَقِي سبعبن سنة لَا يسْتَند إِلَى شَيْء، وَأَبُو الْحسن عَليّ بن عِيسَى النَّحْوِيّ الرماني ومولده سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَله تَفْسِير كَبِير، وَمُحَمّد بن الْعَبَّاس بن أَحْمد الْقَزاز وَكتب كثيرا وخطه حجَّة نقلا وضبطا، وَأَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن هِلَال الْكَاتِب الصابي وَهُوَ ابْن إِحْدَى وَتِسْعين سنة زمن وَضَاقَتْ أُمُوره، وَكَانَ كَاتب معز الدولة ثمَّ كتب لبختيار، وَكَانَت تصدر عَنهُ مكاتبات إِلَى عضد الدولة تؤلمه فحقد عَلَيْهِ، وَلما ملك بَغْدَاد حبس الصابي ثمَّ أطلقهُ وَأمره أَن يصنف لَهُ كتابا فِي أَخْبَار الدولة الديلمية فصنف الْكتاب التاجي.
وَنقل إِلَى عضد الدولة عَنهُ أَن رجلا دخل عَلَيْهِ وَهُوَ يؤلف فِي التاجي فَسَأَلَهُ عَمَّا يفعل، فَقَالَ: أباطيل أنمقها وأكاذيب ألفقها، فحرك ذَلِك حقد عضد الدولة فَأَبْعَده وَحرمه.
جهد معز الدولة على الصابي ليسلم فَأبى، وَكَانَ يحفظ الْقُرْآن، ورثاه الشريف الرضي فليم فِي ذَلِك فَقَالَ: إِنَّمَا رثيت فضيلته.
قلت: وَله فِي عبد لَهُ أسود كَانَ يهواه اسْمه يمن:
(قد قَالَ يمن وَهُوَ أسود للَّذي ... ببياضه استعلى علو الخاتن)
(مَا فَخر وَجهك بالبياض وَهل ترى ... إِن قد أفدت بِهِ مزِيد محَاسِن)
(وَلَو أَن مني فِيهِ خالا زانه ... وَلَو أَن مِنْهُ فِي خالا شانني)
وَله فِيهِ:
(لَك وَجه كَأَن يمناي ... خطته بِلَفْظ تمله آمالي)
(فِيهِ معنى من البدور وَلَكِن ... نفضت صبغها عَلَيْهِ اللَّيَالِي)
(لم يشنك السوَاد بل زِدْت حسنا ... إِنَّمَا يلبس السوَاد الموَالِي)
(فبمالي أفديك إِن لم تكن لي ... وبروحي أفديك إِن كنت مَالِي)
وَأول مرثية الشريف الرضي فِيهِ:
(أَرَأَيْت من حملُوا على الأعواد ... أَرَأَيْت كَيفَ خبا ضِيَاء النادي)
وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَثَمَانِينَ وثلثمائة: فِيهَا عَاد أَبُو عَليّ بن سيمجور إِلَى خُرَاسَان وَقَاتل مَحْمُود بن سبكتكين وَأخرجه عَنْهَا، ثمَّ سَار سبكتكين وَابْنه مَحْمُود بالعساكر واقتتلوا مَعَ أبي عَليّ بطوس فهزموه، فَقَالَ بعض الشُّعَرَاء عَن ابْن سيمجور: