للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقصدها الْمُسلمُونَ واستولوا عَلَيْهَا ثمَّ فتحُوا تكريت والموصل ثمَّ قرقيسا وماسبذان عنْوَة.

وفيهَا قدم جبلة بن الْأَيْهَم على عمر فَتَلقاهُ الْمُسلمُونَ وَدخل فِي زِيّ حسن وَبَين بديه جنائب وَلبس أَصْحَابه الديباج.

وفيهَا حج عمر فحج مَعَه جبلة فوطىء رجل من فَزَارَة إزَاره فِي الطّواف فَلَطَمَهُ جبلة فهشم أَنفه فَشَكَاهُ الْفَزارِيّ إِلَى عمر فَقَالَ: إِمَّا أَن ترضيه وَإِمَّا أقدته مِنْك، قَالَ أتقيده مني وَأَنا ملك وَهُوَ سوقة، قَالَ: يَا جبلة إِنَّه قد جمعك وإياه الْإِسْلَام فَمَا تفضله إِلَّا بالعافية، قَالَ: وَالله لقد رَجَوْت أَن أكون فِي الْإِسْلَام أعز مني فِي الْجَاهِلِيَّة، قَالَ عمر: هُوَ ذَاك قَالَ: إِذا أتنصر، قَالَ إِن تنصرت ضربت عُنُقك، قَالَ أخرني إِلَى غَد، قَالَ ذَلِك لَك، فهرب هُوَ وَأَصْحَابه إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّة إِلَى هِرقل فتنصروا، وَأكْرمهمْ هِرقل وأقطع لَهُ، ثمَّ نَدم جبلة على فعله ذَلِك وَمضى رَسُول عمر إِلَى هِرقل وَشَاهد مَا فِيهِ جبلة من النِّعْمَة.

قلت: وَلما اجْتمع رَسُول عمر بجبلة لامه على الرِّدَّة فَقَالَ إِن كنت تضمن لي أَن يزوجني عمر ابْنَته ويوليني الْأَمر بعده رجعت، فضمن الرَّسُول التَّزْوِيج وَلم يضمن الثَّانِيَة، ثمَّ نصب مَوَائِد الذَّهَب وصحاف الْفضة فَامْتنعَ الرَّسُول مِنْهَا وَأكل فِي الخلنج وَجِيء بطساس الْفضة وأباريق الذَّهَب فَامْتنعَ الرَّسُول وَغسل يَدَيْهِ فِي الصفر، ثمَّ وضعت عشرَة كراسي مرصعة عَن يَمِينه وَعشرَة عَن شِمَاله وَجلسَ عَلَيْهَا جوَار حسان عَلَيْهِنَّ الْحلِيّ، ثمَّ طيب بِوَاسِطَة طَائِر عَجِيب الْخلقَة فَقَالَ للجواري اللَّاتِي عَن يَمِينه: بِاللَّه أضحكننا فَقُلْنَ وخفقت عيدانهن:

(لله در عِصَابَة نادمتهم ... يَوْمًا بجلق فِي الزَّمَان الأول)

(يسقون من ورد البريض عَلَيْهِم ... رَاحا تصفق بالرحيق السلسل)

(أَوْلَاد جَفْنَة حول قبر أَبِيهِم ... قبر ابْن مَارِيَة الْكَرِيم الْمفضل)

(يغشون حَتَّى مَا تهر كلابهم ... لَا يسْأَلُون عَن السوَاد الْمقبل)

(ثمَّ الأنوف كَرِيمَة أحسابهم ... بيض الْوُجُوه من الطّراز الأول)

فَقَالَ جبلة: هَذَا لحسان، ثمَّ الْتفت إِلَى اللواتي عَن يسَاره وَقَالَ: بِاللَّه أبكيننا فَقُلْنَ:

(لمن الدَّار أقفرت بمعان ... بَين أَعلَى اليرموك فالخمان)

(ذَاك مغنى لآل جَفْنَة فِي الد ... هر محلا لحادث الْأَزْمَان)

(قد أَرَانِي هُنَاكَ دهرا مكينا ... عِنْد ذِي التَّاج مقعدي ومكاني)

(ودنا الفصح فالولائد ... ينظمن سرَاعًا أَكلَة المرجان)

وَقَالَ: هَذَا لحسان ثمَّ أنشأ:

(تنصرت للإتراف من أجل لطمة ... وَمَا كَانَ فِيهَا لَو سمحت بهَا ضَرَر)

(تكنفني مِنْهَا لجاج ونخوة ... وبعت لَهَا الْعين الصَّحِيحَة بالعور)

(فياليت أُمِّي لم تلدني وليتني ... رجعت إِلَى القَوْل الَّذِي قَالَ لي عمر)

<<  <  ج: ص:  >  >>