(وَكنت أعدك للنائبات ... فها أَنا أطلب مِنْك الأمانا)
قلت: مَا أحسن هَذَا الْبَيْت لَو أنْشد كَذَا
(وَقد كنت أطلب مِنْك المنى ... فها أَنا أطلب مِنْك الأمانا)
وفيهَا: ولى المتَوَكل ابْنه الْمُنْتَصر الْحَرَمَيْنِ واليمن والطائف.
وفيهَا: فِي ذِي الْقعدَة توفّي أَبُو زَكَرِيَّا يحيى بن معِين بن عون بن زِيَاد بن بسطَام الْمُزنِيّ الْبَغْدَادِيّ الْحَافِظ صَاحب الْجرْح وَالتَّعْدِيل إِمَام حَافظ، قيل: إِنَّه من قَرْيَة تقياي نَحْو الأنبار، وَكَانَ الإِمَام أَحْمد شَدِيد الصُّحْبَة لَهُ يَشْتَرِكَانِ فِي عُلُوم الحَدِيث وَذكر الدَّارَقُطْنِيّ يحيى فِيمَن روى عَن الشَّافِعِي، وَولد سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة.
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا توفّي مُحَمَّد بن مُبشر المعتزلي الْبَغْدَادِيّ، وَأَبُو خَيْثَمَة زُهَيْر الْمُحدث، وَعلي بن عبد اللَّهِ بن جَعْفَر الْمَدِينِيّ الْحَافِظ إِمَام ثِقَة.
قلت: وفيهَا توفّي جد بني الْمُهَذّب بمعرة النُّعْمَان وَهُوَ أَبُو الْوَلِيد همام بن عَامر بن أبي شهَاب، وَدفن قبلي الميدان ظَاهر المعرة وَكَانَ من النبلاء الْأَغْنِيَاء، وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا ظهر بسامراء مَحْمُود بن فرخ وَادّعى النُّبُوَّة وَأَنه ذُو القرنين وَتَبعهُ سَبْعَة وَعِشْرُونَ رجلا، فألزم أَصْحَابه أَن يصفعه كل مِنْهُم عشر صفعات ثمَّ حَبسهم وضربه حَتَّى مَاتَ.
وفيهَا: مَاتَ الْحسن بن سهل وعمره تسعون بدواء أفرط عَلَيْهِ الْقيام.
وفيهَا: مَاتَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الْموصِلِي ذُو الألحان والغناء.
وفيهَا: مَاتَ سريح بن يُونُس بن سريح - بِالسِّين الْمُهْملَة.
وفيهَا: وَقيل فِي تلوها: مَاتَ عبد السَّلَام بن رغبان - بالغين المنقوطة - الشَّاعِر ديك الْجِنّ الشيعي تشيعا حسنا وعمره بضع وَتسْعُونَ، وَمن شعره الْجيد:
(وقم أَنْت فاحثث كأسها غير صاغر ... وَلَا تسق إِلَّا خمرها وعقارها)
(مشعشة من كف ظَبْي كَأَنَّمَا ... تنَاولهَا من خَدّه فأدارها)
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا أَمر المتَوَكل بهدم قبر الْحُسَيْن رَضِي اللَّهِ عَنهُ وَهدم مَا حوله من الْمنَازل، وَكَانَ شَدِيد البغض لعَلي وَلأَهل بَيته وَكَانَ نديمه عبَادَة المخنث يكبر بَطْنه بمخده ويكشف رَأسه وَهُوَ أصلع ويرقص وَيَقُول: قد أقبل الأصلع البطين خَليفَة الْمُسلمين - يَعْنِي عليا رَضِي اللَّهِ عَنهُ -. فَقَالَ لَهُ الْمُنْتَصر يَوْمًا: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن عليا ابْن عمك فَكل أَنْت لَحْمه إِذا شِئْت وَلَا تخل مثل هَذَا الْكَلْب وَأَمْثَاله يطْمع فِيهِ، فَقَالَ المتَوَكل للمغنين غنوا:
(غَار الْفَتى لِابْنِ عَمه ... رَأس الْفَتى فِي حرَامه)
وَكَانَ يُجَالس من اشْتهر ببغض عَليّ كَابْن الجهم الشَّاعِر وَأبي السمط، وَكَانَ من