ثمَّ مَاتَ شمويل فدفنه بَنو إِسْرَائِيل فِي اللَّيْل وناحوا عَلَيْهِ، وَكَانَ عمره اثْنَتَيْنِ وَخمسين سنة، وَمَال النَّاس إِلَى دَاوُد حبا، فحسده طالوت وَقصد قَتله مرّة بعد أُخْرَى، فهرب دَاوُد مِنْهُ وَاحْترز على نَفسه. ثمَّ نَدم طالوت على قصد قَتله وَمَا وَقع مِنْهُ وَأَرَادَ تَكْفِير ذنُوبه بِمَوْتِهِ فِي الْغُزَاة، وَقصد الفلسطينيين وَقَاتلهمْ حَتَّى قتل هُوَ وَأَوْلَاده، فموت طالوت فِي أَوَاخِر سنة خمس وَتِسْعين وَأَرْبَعمِائَة لوفاة مُوسَى.
وَبعد قَتله افْتَرَقت الأسباط فَملك على أحد عشر سبطا " أيش يوشت " بن طالوت ثَلَاث سِنِين.
وَانْفَرَدَ سبط يهوذا وَملك عَلَيْهِم " دَاوُد " بن بيشا بن عوفيذ بن بوعر بن سَلمُون بن نحشوف بن عمينندوب بن رم بن مصرون بن بارص بن يهوذا بن يَعْقُوب بن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم عَلَيْهِم السَّلَام، وحزن دَاوُد على طالوت وَلعن مَوضِع مصرعه. وَكَانَ مقَام دَاوُد بحبرون، فَلَمَّا استوثق لَهُ الْملك وأطاعه كل الأسباط لثمان وَثَلَاثِينَ سنة من عمر دَاوُد انْتقل إِلَى الْقُدس، ثمَّ فتح فِي الشَّام كثيرا، ثمَّ أَرض فلسطين وبلد عمان وماب وحلب ونصيبين وبلاد الأرمن وَغير ذَلِك، وَلما أوقع دَاوُد بِصَاحِب حلب وَعَسْكَره - وَكَانَ صَاحب حماه إِذْ ذَاك اسْمه ثاعو وَكَانَ معاديا لصَاحب حلب - فَأرْسل صَاحب حماه ثاعو وزيره بِالسَّلَامِ وَالدُّعَاء والهدايا إِلَى دَاوُد فَرحا بقتل صَاحب حلب.
وَلما صَار لداود ثَمَان وَخَمْسُونَ سنة وَهِي السّنة الثَّامِنَة وَالْعشْرُونَ من ملكه كَانَت قصَّته مَعَ أوريا وَزَوجته وَهِي مَشْهُورَة. وَفِي سِتِّينَ من عمر دَاوُد خرج عَلَيْهِ ابْنه أبشولوم بن دَاوُد فَقتل وَملك دَاوُد أَرْبَعِينَ سنة وَلما صَار لَهُ سَبْعُونَ سنة توفّي، فوفاته فِي أَوَاخِر سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة لوفاة مُوسَى، وَأوصى بِالْملكِ لِسُلَيْمَان، وأوصاه بعمارة بَيت الْمُقَدّس وَعين لذَلِك عدَّة بيُوت تحتوي على جمل من الذَّهَب.
وَملك بعده " سُلَيْمَان " وعمره اثْنَتَا عشرَة سنة، وآتاه اللَّهِ من الْحِكْمَة وَالْملك مَا أخبر بِهِ فِي كِتَابه الْعَزِيز. وَفِي السّنة الرَّابِعَة من ملكه فِي أيار وَهِي سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة لوفاة مُوسَى ابْتَدَأَ سُلَيْمَان بعمارة بَيت الْمُقَدّس، وَأقَام فِي عِمَارَته لَهُ سبع سِنِين، وَفرغ مِنْهُ فِي الْحَادِيَة عشر من ملكه، فالفراغ من عِمَارَته فِي أَوَاخِر سِتّ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة لوفاة مُوسَى، وَكَانَ ارْتِفَاع الْبَيْت الَّذِي عمره سُلَيْمَان ثَلَاثِينَ ذِرَاعا وَطوله سِتِّينَ فِي عرض عشْرين ذِرَاعا، وَعمل خَارج الْبَيْت سورا محيطا بِهِ امتداده خَمْسمِائَة فِي خَمْسمِائَة، ثمَّ شرع فِي بِنَاء دَار ملكه بالقدس واجتهد وشيدها وفرغها فِي ثَلَاث عشرَة سنة وانتهت فِي الرَّابِعَة وَالْعِشْرين من ملكه. وَفِي الْخَامِسَة وَالْعِشْرين من ملكه جَاءَتْهُ بلقيس ملكه الْيمن وَمن مَعهَا، وأطاعه مُلُوك الأَرْض وحملوا إِلَيْهِ النفائس. ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... .