للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا منع وصيف رزق الْجند أَرْبَعَة أشهر فَقَتَلُوهُ، فَجعل المعتز مَا كَانَ إِلَيْهِ إِلَى بغا الشاربي.

وفيهَا: مَاتَ مُحَمَّد طَاهِر بن الْحُسَيْن.

وفيهَا: ملك يَعْقُوب الصفار هراة وبشنج وهابه أَمِير خُرَاسَان وَغَيره.

ثمَّ دخلت سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا قتل بغا الشرابي لَيْلًا؛ خرج لركوب الزورق فَعلم بِهِ المعتز فَأمر بقتْله فَقتل وَحمل إِلَيْهِ رَأسه.

وفيهَا: فِي جُمَادَى الْآخِرَة لخمس بَقينَ توفّي بسامراء عَليّ الملقب بالزكي وبالهادي وبالتقي أحد الْأَئِمَّة الإثني عشر على رَأْي الإمامية وَهُوَ ابْن الْجواد كَانَ قد سعي بِهِ إِلَى المتَوَكل أَن عِنْده كتبا وسلاحا، فَأرْسل إِلَيْهِ الأتراك لَيْلًا على غَفلَة فوجدوه فِي بَيت مغلق وَعَلِيهِ مدرعة شعر مُسْتَقْبل الْقبْلَة يترنم بآيَات فِي الْوَعْد والوعيد لَيْسَ بَينه وَبَين الأَرْض بِسَاط إِلَّا الرمل والحصى، فَحمل على هَيئته إِلَى المتَوَكل، والمتوكل على الشَّرَاب وَفِي يَده الكاس فأعظمه وَأَجْلسهُ بجنبه وناوله الكاس فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا خامر لحمي وَدمِي قطّ فاعفني مِنْهُ فأعفاه وَقَالَ: أَنْشدني شعرًا، فَقَالَ: إِنِّي لقَلِيل الرِّوَايَة للشعر، فَقَالَ المتَوَكل: لَا بُد من ذَلِك، فأنشده.

(باتوا على قلل الأجبال تحرسهم ... غلب الرِّجَال فَمَا أغنتهم القلل)

(واستنزلوا بعد عز عَن معاقلهم ... فأودعوا حفرا يَا بئس مَا نزلُوا)

(ناداهم صارخ من بعد مَا قبروا ... أَيْن الْأَهِلّة والتيجان وَالْحلَل)

(أَيْن الْوُجُوه الَّتِي كَانَت منعمة ... من دونهَا تضرب الأستار والكلل)

(فأفصح الْقَبْر عَنْهُم حِين ساءلهم ... تِلْكَ الْوُجُوه عَلَيْهَا الدُّود يقتتل)

(قد طالما أكلُوا دهرا وَمَا شربوا ... فَأَصْبحُوا بعد طول الْأكل قد أكلُوا)

فَبكى المتَوَكل وَأمر بِرَفْع الشَّرَاب وَقَالَ: با أَبَا الْحسن أعليك دين؟ قَالَ: نعم أَرْبَعَة آلَاف دِينَار، فَدَفعهَا إِلَيْهِ ورده إِلَى منزلَة مكرما.

ومولد عَليّ فِي رَجَب سنة أَربع عشرَة وَقيل: ثَلَاث عشرَة وَمِائَتَيْنِ، وَقيل لَهُ: العسكري لِأَن سامراء يُقَال لَهَا الْعَسْكَر لسكنى الْعَسْكَر بهَا، وَكَانَت سكن عَليّ وَهُوَ عَاشر الْأَئِمَّة الإنثي عشر ووالد الْحسن العسكري، وولادة الْحسن الْمَذْكُور فِي سنة ثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ، وَتُوفِّي فِي ربيع الأول وَقيل: جُمَادَى الأولى سنة مِائَتَيْنِ وَسِتِّينَ بسامراء وَدفن بِجنب أَبِيه. وَالْحسن العسكري وَالِد مُحَمَّد المنتظر صَاحب السرداب، والمنتظر ثَانِي عشرهم ويلقب أَيْضا الْقَائِم وَالْمهْدِي وَالْحجّة، ومولد المنتظر سنة خمس وَخمسين وَمِائَتَيْنِ. وتزعم الشِّيعَة أَنه دخل السرداب فِي دَار أَبِيه بسامراء وَأمه تنظر إِلَيْهِ فَلم يعد إِلَيْهَا وَكَانَ عمره تسع سِنِين حِينَئِذٍ وَذَلِكَ فِي سنة خمس وَسِتِّينَ على خلاف فِيهِ.

وفيهَا: توفّي أَحْمد بن الرشيد وَهُوَ عَم الواثق.

<<  <  ج: ص:  >  >>