للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُحَمَّد بن أَحْمد بن عِيسَى بن زيد بن عَليّ بن الْحُسَيْن بن عَليّ بن أبي طَالب، وَعبر دجلة وَنزل الأنبار وَكَانَ مَذْكُور من قبل مُتَّصِلا بحاشية الْمُنْتَصر فِي سامراء يمدحهم ويستمنحهم بِشعرِهِ، ثمَّ شخص من سامراء سنة تسع وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ إِلَى الْبَحْرين فَادّعى نسبه فِي العلويين كَمَا ذكر، وَأقَام فِي الأحساء ثمَّ فِي الْبَصْرَة سنة أَربع وَخمسين وَمِائَتَيْنِ، ثمَّ خرج فِي هَذِه السّنة واستفحل أمره وَبث أَصْحَابه للإغارة والنهب.

وفيهَا: توفّي خفاجة بن سُفْيَان أَمِير صقلية وَولي ابْنه مُحَمَّد.

وفيهَا: توفّي مُحَمَّد بن كرام السجسْتانِي صَاحب الْمقَالة فِي التَّشْبِيه بِالشَّام.

قلت: كَانَ شَيخنَا الْعَلامَة صدر الدّين مُحَمَّد بن الْوَكِيل العثماني ينشد لبَعْضهِم.

(الفقة فقة أبي حنيفَة وَحده ... وَالدّين دين مُحَمَّد بن كرام)

(إِن الأولى فِي دينهم مَا استمسكوا ... بِمُحَمد بن كرام غير كرام)

ثمَّ وَقع مرّة فِي بعض الْمدَارِس بحلب نزاع فِي الرَّاء من كرام هَل هِيَ مُشَدّدَة أم مخفقة، فأنشدت أَنا هذَيْن الْبَيْتَيْنِ، فارتفع النزاع وَعَلمُوا أَن راءه مُخَفّفَة وَالله أعلم.

وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة توفّي عبد اللَّهِ بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ صَاحب الْمسند وعمره خمس وَسَبْعُونَ.

وفيهَا: توفّي أَبُو عمرَان عَمْرو بن بَحر الجاحظ الْعَينَيْنِ، كثير التصانيف كثير الْهزْل نَادِر النادرة نادم الْخُلَفَاء، وَأخذ الْعلم عَن النظام الْمُتَكَلّم، وَقيد لما قتل ابْن الزيات لتَعَلُّقه بِهِ ثمَّ أطلق؛ دخل عَلَيْهِ الْمبرد فِي مَرضه فَقَالَ: كَيفَ أَنْت؟ فَقَالَ: كَيفَ يكون من نصفه مفلوج وَلَو نشر مَا أحس بِهِ، وَنصفه الْأُخَر منقرس لَو طَار بِهِ الذُّبَاب آلمه وَقد جَاوز التسعين ثمَّ أنْشد:

(أترجو أَن تكون وَأَنت شيخ ... كَمَا قد كنت أَيَّام الشَّبَاب)

(لقد كذبتك نَفسك لَيْسَ ثوب ... دريس كالجديد من الثِّيَاب)

وَقعت عَلَيْهِ مجلداته المصفوفة وَهُوَ عليل فَقتلته فِي الْمحرم مِنْهَا.

ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا قتل مُوسَى بن بغا صَالح بن وصيف.

وفيهَا: فِي منتصف رَجَب خلع الْمُهْتَدي مُحَمَّد بن هَارُون الواثق بن المعتصم وَتُوفِّي لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة بقيت مِنْهُ، فَإِنَّهُ قصد قتل مُوسَى بن بغا وَكَانَ مُوسَى معسكرا قبالة الْخَوَارِج، وَكتب إِلَى بانكيال من مقدمي التّرْك أَن يقتل مُوسَى وَيصير مَوْضِعه، فَأطلع بانكيال مُوسَى على ذَلِك واتفقا على قتل الْمُهْتَدي، وَسَار إِلَى سامراء وَدخل بانكيال إِلَى الْمُهْتَدي، فحبسه الْمُهْتَدي وَقَتله، وَركب لقِتَال مُوسَى ففارقت الأتراك الَّذين مَعَ الْمُهْتَدي عَسْكَر الْمُهْتَدي وصاروا مَعَ مُوسَى، فضعف الْمُهْتَدي وهرب وَدخل بعض الدّور، فَأمْسك وداسوا خصيبه وصفعوه فَمَاتَ، وَدفن بمقبرة الْمُنْتَصر، وخلافته أحد عشر شهرا وَنصف، وعمره ثَمَان وَثَلَاثُونَ سنة. وَكَانَ أسمر بطينا قَصِيرا طَوِيل اللِّحْيَة ولد بالقاطول ورعا كثير الْعِبَادَة، قصد أَن يكون فِي بني الْعَبَّاس مثل عمر بن عبد الْعَزِيز فِي بني أُميَّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>