للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَصَارَ أَبُو العينا يَوْمًا إِلَى بَاب صاعد بن مخلد فَاسْتَأْذن عَلَيْهِ فَقيل: هُوَ مَشْغُول بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: لكل جَدِيد لَذَّة، وَكَانَ صاعد قبل الوزارة نَصْرَانِيّا، وَالله اعْلَم.

ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا خلع طغج بن جف أَمِير دمشق جَيش بن خمارويه بِدِمَشْق، وَاخْتلف جَيش جَيش عَلَيْهِ لصباه وتقريبه الأرذال وتهديده لقواد أَبِيه فثاروا وقتلوه ونهبوا دَاره ونهبوا مصر وأحرقوا وأقعدوا أَخَاهُ هَارُون بن خمارويه فِي الْولَايَة. وَمُدَّة جَيش تِسْعَة أشهر.

وفيهَا: مَاتَ البحتري الشَّاعِر الْوَلِيد بن عبَادَة بمنبج، ومولده سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ.

قلت: الصَّوَاب أَنه أَبُو عبَادَة بن عبيد بن يحيى بن شملال بن جَابر بن مسلمة بن مسْهر بن الْحَارِث بن جشم بن أبي حَارِثَة بن جدي بن بدول بن بحتر نسب إِلَى جده بحتر، ولد بمنبج وَتخرج بهَا، ثمَّ خرج إِلَى الْعرَاق ومدح جمَاعَة من الْخُلَفَاء أَوَّلهمْ المتَوَكل، قَالَ: صرت فِي أول أَمْرِي إِلَى أبي تَمام بحمص وَعرضت عَلَيْهِ شعري فَأقبل عَليّ وَترك النَّاس وَقَالَ: كَيفَ حالك، فشكوت خلة، فَكتب إِلَى أهل معرة النُّعْمَان وَشهد لي بالحذق وشفع لي إِلَيْهِم وَقَالَ: امتدحهم فصرت إِلَيْهِم فأكرموني بكتابه ووظفوا لي أَرْبَعَة آلَاف دِرْهَم فَكَانَت أول مَال أصبتها ذكره ابْن خلكان فِي تَارِيخه.

وَمَا أحسن قصيدته فِي المتَوَكل الَّتِي أَولهَا:

(أُخْفِي هوى لَك فِي الضلوع وأضمر ... وألام من كمد عَلَيْك واعذر)

وَمِنْهَا:

(بِالْبرِّ صمت وَأَنت أفضل صَائِم ... وبسنة اللَّهِ الرضية تفطر)

(فانعم بِيَوْم الْفطر عينا إِنَّه ... يَوْم أغر من الزَّمَان مشهر)

(أظهرت عز الْملك فِيهِ بجحفل ... لجب يحاط الدّين فِيهِ وينصر)

وَمِنْهَا:

(فالخيل تصهل والفوارس تدعى ... وَالْبيض تلمع والأسنة تزهر)

(وَالشَّمْس طالعة توقد فِي الضُّحَى ... طورا ويطفئها العجاج الأكدر)

(حَتَّى طلعت بِنور وَجهك فانجلى ... ذَاك الدجى وأنجاب ذَاك العثير)

(وافتتتن فِيك الناظرون فأصبع ... يومي إِلَيْك بهَا وَعين تنظر)

(ذكرُوا بطلعتك النَّبِي فهللوا ... لما طلعت من الصُّفُوف وَكَبرُوا)

(حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى الْمصلى لابسا ... نور الْهدى يَبْدُو عَلَيْك وَيظْهر)

(ومشيت مشْيَة خاشع متواضع ... لله لَا يزهى وَلَا يتكبر)

(فَلَو أَن مشتاقا تكلّف فَوق مَا ... فِي وَسعه لسعى إِلَيْك الْمِنْبَر)

(أيدت من فصل الْخطاب بِحكمِهِ ... تنبي عَن الْحق الْمُبين وتخبر)

(ووقفت فِي برد النَّبِي مذكرا ... بِاللَّه تنذر تَارَة وتبشر)

وَالله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>