الْمهْدي الَّذِي دعوناكم إِلَيْهِ، فطلبهما الْمهْدي وقتلهما فِي سنة سِتّ وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ، وَقيل فِي غَيرهَا.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَسنة ثَمَان وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا توفّي أَبُو الْقَاسِم الْجُنَيْد بن مُحَمَّد الصُّوفِي إِمَام وقته، أَخذ الْفِقْه عَن أبي ثَوْر والتصوف عَن سري السَّقطِي.
ثمَّ دخلت سنة تسع وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ: فِيهَا قبض المقتدر على وزيره أبي الْحسن بن الْفُرَات ونهبه وهتك حرمه، وَولى الوزارة أَبَا عَليّ مُحَمَّد بن يحيى بن عبيد اللَّهِ بن خاقَان، وَكَانَ الخاقاني ضجورا وتحكمت عَلَيْهِ أَوْلَاده فَكل مِنْهُم يسْعَى لمن يرتشي مِنْهُ، فَكَانَ يولي الْعَمَل الْوَاحِد عدَّة من الْعمَّال فِي الْأَيَّام القليلة حَتَّى ولى الْكُوفَة فِي عشْرين يَوْمًا سَبْعَة عُمَّال فَقيل فِيهِ:
(وَزِير قد تَكَامل فِي الرقاعة ... يولي ثمَّ يعْزل بعد سَاعَة)
(إِذا أهل الرشا اجْتَمعُوا عَلَيْهِ ... فَخير الْقَوْم أوفرهم بضَاعَة)
والخليفة مَعَ ذَلِك يتَصَرَّف على مُقْتَضى إِشَارَة النِّسَاء والخدام، فَخرجت الممالك وطمع الْعمَّال فِي الْأَطْرَاف.
وفيهَا: توفّي أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن كيسَان الْعَالم بِنَحْوِ الْبَصرِيين والكوفيين، وَإِسْحَاق بن حنين الطَّبِيب.
ثمَّ دخلت سنة ثلثمِائة: فِيهَا عزل المقتدر الخاقاني عَن الوزارة وولاها عَليّ بن عِيسَى.
وفيهَا: توفّي عبد اللَّهِ بن مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن الحكم بن هِشَام بن عبد الرَّحْمَن الدَّاخِل بن مُعَاوِيَة بن هِشَام بن عبد الْملك بن مَرْوَان صَاحب الأندلس فِي ربيع الأول، وَكَانَ أَبيض أصهب أَزْرَق ربعَة يخضب بِالسَّوَادِ وولايته خمس سِنِين وَأحد عشر شهرا، وَله أحد عشر ابْنا أحدهم مُحَمَّد الْمَقْتُول قَتله أَبوهُ الْمَذْكُور فِي حد وَهُوَ وَالِد عبد الرَّحْمَن النَّاصِر، وَلما توفّي عبد اللَّهِ ولي ابْن ابْنه عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الْمَقْتُول وَنزل بِحَضْرَة أَعْمَامه وأعمام أَبِيه وَلم يَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ.
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وثلثمائة: فِيهَا فِي جمادي الْآخِرَة قتل السَّلمَانِي أَحْمد بن إِسْمَاعِيل صَاحب خُرَاسَان وَمَا وَرَاء النَّهر ذبحه لَيْلًا غلمانه على سَرِيره فِي الصَّيْد وهربوا، فَحمل وَدفن ببخارا، وظفروا ببعضهم فَقَتَلُوهُمْ. وَولى بعده ابْنه أَبُو الْحسن نصر ابْن ثَمَانِي سِنِين.
وفيهَا: قتل كَبِير القرامطة أَبُو سعيد الْحسن بن بهْرَام الجنابي قَتله خَادِم لَهُ صقلي فِي الْحمام واستدعى من كبرائهم أَرْبَعَة وَاحِدًا بعد وَاحِد على لِسَان استاذه وقتلهم فَعَلمُوا بِهِ وقتلوه، وَتَوَلَّى بعده بعهده ابْنه سعيد الْأَكْبَر فغلبه أَخُوهُ الْأَصْغَر أَبُو طَاهِر سُلَيْمَان، وَكَانَ أَبُو سعيد مستوليا على هجر والأحساء والقطيف وَسَائِر بِلَاد الْبَحْرين.