مُجْتَمع مَاء أَو مشتبك رياض، أجْرى سيف الدولة عَلَيْهِ كل يَوْم أَرْبَعَة دَرَاهِم فاقتصر عَلَيْهَا، وَتُوفِّي بِدِمَشْق وَقد ناهز الثَّمَانِينَ وَدفن خَارج بَاب الصَّغِير.
وفيهَا: مَاتَ الزجاجي النَّحْوِيّ أَبُو بالقاسم عبد الرَّحْمَن بن إِسْحَاق صحب إِبْرَاهِيم بن السّري الزّجاج فنسب إِلَيْهِ، وصنف الْجمل.
ثمَّ دخلت سنة أَرْبَعِينَ وثلثمائة: فِيهَا توفّي عبد اللَّهِ بن الْحُسَيْن الْكَرْخِي الْفَقِيه الْحَنَفِيّ المعتزلي العابد، ومولده سنة سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ.
وفيهَا: توفّي أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أَحْمد بن إِسْحَاق الْمروزِي الشَّافِعِي انْتَهَت إِلَيْهِ الرياسة بالعراق بعد ابْن سريح وصنف كثيرا وَشرح مُخْتَصر الْمُزنِيّ.
قلت: وفيهَا توفّي يماك التركي غُلَام سيف الدولة وَكَانَ مقدم مماليكه وَكَانُوا أَرْبَعَة آلَاف مَمْلُوك شِرَاء مَال، ورثاه المتنبي بقوله:
(لَا يحزن اللَّهِ الْأَمِير فإنني ... لآخذ من حالاته بِنَصِيب)
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وثلثمائة: فِيهَا سَار يُوسُف بن وجيه صَاحب عمان فِي الْبَحْر وَالْبر إِلَى الْبَصْرَة وحصرها وساعده القرامطة، ثمَّ أدركهم المهلبي وَزِير معز الدولة بالعساكر فرحلوا عَنْهَا.
وفيهَا: توفّي الْمَنْصُور بِاللَّه الْعلوِي أَبُو طَاهِر إِسْمَاعِيل بن الْقَائِم بِاللَّه أبي الْقَاسِم مُحَمَّد بن الْمهْدي عبيد اللَّهِ سلخ شَوَّال وخلافته سبع سِنِين وَسِتَّة عشر يَوْمًا وعمره تسع وَثَلَاثُونَ سنة، وَكَانَ خَطِيبًا بليغا يخترع الْخطْبَة لوقته، وعهد إِلَى ابْنه أبي تَمِيم بعده بِولَايَة الْعَهْد وَهُوَ الْمعز لدين اللَّهِ فبويع يَوْم مَاتَ أَبوهُ فِي سلخ شَوَّال مِنْهَا، وَعمر الْمعز إِذْ ذَاك أَربع وَعِشْرُونَ سنة.
وفيهَا: ملك الرّوم سروج وَسبوا وغنموا وخربوا الْمَسَاجِد.
قلت: وتيع سيف الدولة الرّوم وبلغهم ذَلِك فَوَلوا رَاجِعين فَبنى حِينَئِذٍ مرعش، فَقَالَ المتنبي:
(فَدَيْنَاك من ربع وَإِن زدتنا كربا ... فَإنَّك كنت الشرق للشمس والغربا)
وَمِنْهَا:
(سراياك تترى والدمستق هارب ... وَأَصْحَابه قَتْلَى وأمواله نهبا)
(أَتَى مرعشا يستقرب الْبعد مُقبلا ... فَأَدْبَرَ إِذْ أَقبلت يستبعد القربا)
وَمِنْهَا:
(كفى عجبا أَن يعجب النَّاس أَنه ... بنى مرعشا تَبًّا لآرائهم تَبًّا)
(وَمَا الْفرق مَا بَين الْأَنَام وَبَينه ... إِذْ حذر الْمَحْذُور واستصعب الصعبا)
وَالله أعلم.