للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيهَا: أنشأ عبد الرَّحْمَن النَّاصِر الْأمَوِي مركبا عَظِيما فِيهِ تِجَارَة إِلَى الْمشرق فلقي مركبا فِيهِ رَسُول من صقلية إِلَى الْمعز الْعلوِي وَمَعَهُ مكاتبات فَأَخذهُم بِمَا مَعَهم؛ وَبلغ ذَلِك الْمعز فَجهز أسطولا إِلَى الأندلس وَاسْتعْمل عَلَيْهِ الْحسن بن عَليّ عَامله على صقلية، فوصلوا إِلَى المرية وأحرقوا كل مَا فِي ميناها من المراكب وَأخذُوا ذَلِك الْمركب الْعَظِيم الْمَذْكُور بعد عوده من الْإِسْكَنْدَر ية وَفِيه جواري مغنيات وأمتعه لعبد الرَّحْمَن، وَظهر أسطول الْمعز إِلَى الْبر فَقتلُوا ونهبوا وَرَجَعُوا إِلَى المهدية، فَجهز عبد الرَّحْمَن أسطولا إِلَى بِلَاد إفريقية فوصلوها، فقصدهم عَسَاكِر الْمعز فَرَجَعُوا إِلَى الأندلس بعد قتال.

ثمَّ دخلت سنة خمس وَأَرْبَعين وثلثمائة: فِيهَا سَار سيف الدولة إِلَى الرّوم فسبى وَفتح حصونا، وَعَاد إِلَى أدنة ثمَّ إِلَى حلب.

قلت: فأنشده المتنبي قصيدته الَّتِي أَولهَا:

(الرَّأْي قبل شجاعة الشجعان ... هُوَ أول وَهِي الْمحل الثَّانِي)

قَالَ ابْن جني: هَذَا الْبَيْت وَحده لَو كَانَ فِي شعر شَاعِر لجمله كُله.

وَمِنْهَا:

(لَوْلَا الْعُقُول لَكَانَ أدنى ضيغم ... أدنى إِلَى شرف من الْإِنْسَان)

وَمِنْهَا:

(لَوْلَا سمي سيوفه ومضاؤه ... لما سللن لَكِن كالأجفان)

(مَا زلت تضربهم درا كَافِي الذري ... ضربا كَأَن السَّيْف فِيهِ اثْنَان)

(فرموا بِمَا يرْمونَ عَنهُ وأدبروا ... يطأون كل حنينة مرنان)

(يَغْشَاهُم مطر السَّحَاب مفصلا ... بمهند ومثقف وَسنَان)

(يَا من يقتل من أَرَادَ بِسَيْفِهِ ... أَصبَحت من قتلاك بِالْإِحْسَانِ)

(فَإِذا رَأَيْتُك حاد دُونك ناظري ... وَإِذا مدحتك حَار فِيك لساني)

وَالله أعلم.

وفيهَا: توفّي أَبُو عمر مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد الزَّاهِد غُلَام ثَعْلَب الْمَعْرُوف بالمطرز لغَوِيّ مكثر صحب ثعلبا زَمَانا فَعرف بِهِ، كَانَ مضيقا عَلَيْهِ لاشتغاله بِالْعلمِ عَن الْكسْب كَانَ يلقِي تصانيفه من حفظه وأملى فِي اللُّغَة ثَلَاثِينَ ألف ورقة.

ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَأَرْبَعين وثلثمائة: فِيهَا مَاتَ السلار بن الْمَرْزُبَان صَاحب أذربيجان، وَملك بعده ابْنه خستان فأوقع وهسودان عَم خستان بَين أَوْلَاد أَخِيه وتقاتلوا فَبلغ مُرَاده.

وفيهَا: نقص الْبَحْر ثَمَانِينَ باعا فَظهر فِيهِ جزائر وجبال.

وفيهَا: توفّي أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب الْأمَوِي النَّيْسَابُورِي الْمَعْرُوف بالأصم عالي الْإِسْنَاد صحب الرّبيع بن سُلَيْمَان.

<<  <  ج: ص:  >  >>