للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَيْسَ لي غير الْخطْبَة فَإِن أَحْبَبْتُم اعتزلت، فهدده بختيار فَبَاعَ الْخَلِيفَة قماشه وَغير ذَلِك حَتَّى حمل إِلَى بختيار أَرْبَعمِائَة ألف دِرْهَم، فقبضها بختيار وأخرجها فِي مصَالح نَفسه وَبَطلَت الغزة وشاع أَن الْخَلِيفَة صودر.

وفيهَا: فِي أَوَاخِر شَوَّال سَار الْمعز من إفريقية وَاسْتعْمل عَلَيْهَا يُوسُف بلكين بن زيزي بن مُنَاد الصنهاجي وَجعل على صقلية أَبَا الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن بن عَليّ بن أبي الْحسن وعَلى طرابلس الغرب عبد اللَّهِ بن يحلف الْكِنَانِي، واستصحب الْمعز مَعَه اهله وخزانته الْعَظِيمَة وفيهَا دَنَانِير مثل الطواحين، وَلما وصل برقة قتل مَعَه مُحَمَّد بن هانىء الشَّاعِر الأندلسي غيلَة لَا يدْرِي من قَتله وَكَانَ مجيدا، وغالى فِي مدح الْمعز حَتَّى كفر فمما قَالَه:

(مَا شِئْت لَا مَا شَاءَت الأقدار ... فاحكم فَأَنت الْوَاحِد القهار)

قلت: ابْن هانىء عِنْد المغاربة كالمتنبي عِنْد المشارقة، وَكَانَ أَبُو الْعَلَاء المعري إِذا سمع شعر ابْن هانىء يَقُول: مَا أشبهه إِلَّا برحا تطحن قرونا أَي تسمع قعقعة وَلَا طائل تحتهَا وَله:

(هَل من أعقة عالج يبرين ... أم مِنْهُمَا بقر الحدوج الْعين)

(وَلمن لَيَال مَا ذممنا عهدها ... مذ كن إِلَّا أَنَّهُنَّ شجون)

(المشرقات كأنهن كواكب ... والناعمات كأنهن غصون)

وَالله أعلم.

ثمَّ سَار الْمعز حَتَّى وصل الْإسْكَنْدَريَّة فِي أَوَاخِر شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وثلثمائة، واتاه أَعْيَان مصر فَلَقِيَهُمْ وَأكْرمهمْ، وَدخل الْقَاهِرَة خَامِس شهر رَمَضَان سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وثلثمائة.

قلت: وَذكر ابْن الْمُهَذّب المعري فِي تَارِيخه أَن الْمعز ورد إِلَى مصر فِي سنة سِتِّينَ وثلثمائة، قَالَ: وَكَانَ عادلا منصفا، وَمن جملَة عدله أَن امْرَأَة الأخشيدي أودعت عِنْد يَهُودِيّ بدنه منسوجة بالدر جَعلتهَا فِي جرة نُحَاس، فَلَمَّا زَالَت المملكة عَنْهُم جَحدهَا الْيَهُودِيّ فتنازلت مَعَه إِلَى أَن يُعْطِيهَا شَيْئا قَلِيلا مِنْهَا فَلم يفعل، فَجَاءَت إِلَى الْمعز فأجلسها على كرْسِي فشكت حَالهَا مَعَ الْيَهُودِيّ فَأحْضرهُ وعاقبه بأنواع الْعقُوبَة فَلم يقر، فَلَمَّا خشِي عَلَيْهِ الْهَلَاك أَمر من يقْلع دَاره من الأساس فَوجدت الجرة فِيهَا الْبَدنَة فِي مغارة من الدَّار، فاجتهدت بالمعز أَن يَأْخُذ الْبَدنَة هَدِيَّة فَلم يفعل، وَالله أعلم.

وفيهَا: تمّ الصُّلْح بَين مَنْصُور بن نوح الساماني صَاحب خُرَاسَان وَبَين ركن الدولة بن بويه على أَن يحمل ركن الدولة إِلَيْهِ كل سنة مائَة ألف دِينَار وَخمسين ألف دِينَار، وَتزَوج مَنْصُور بابنة عضد الدولة.

وفيهَا: ملك أَبُو تغلب بن نَاصِر الدولة بن حمدَان قلعة ماردين سلمهَا إِلَيْهِ نَائِب أَخِيه حمدَان فَأخذ مَا لِأَخِيهِ فِيهَا من مَال وَسلَاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>