وصمصام الدولة معتقل مَعَه، وَكَانَت إِمَارَة صمصام الدولة بِبَغْدَاد ثَلَاث سِنِين، ثمَّ أعتقله بقلعة بِفَارِس.
وفيهَا: توفّي المظفر الْحَاجِب صَاحب البطيحة، ووليها ابْن أَخِيه أَبُو الْحسن عَليّ بن نصر بِعَهْد من المظفر وَوصل تَقْلِيده من بَغْدَاد ولقب مهذب الدولة فَأحْسن وساس.
وفيهَا: توفّي بِبَغْدَاد أَبُو عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن عبد الْغفار الْفَارِسِي النَّحْوِيّ صَاحب الْإِيضَاح وَقد جَاوز التسعين، وَقيل كَانَ معتزليا، ولد فِي مَدِينَة فسا واشتغل بببغداد وَأقَام مُدَّة بحلب عِنْد سيف الدولة، ثمَّ أَقَامَ بِفَارِس وَصَحب عضد الدولة وَله التَّذْكِرَة وَكتاب الْمَقْصُور والممدود وَالْحجّة فِي الْقرَاءَات والعوامل الْمِائَة والمسائل الحلبيات.
قلت: وَكَانَ أَبُو عَليّ يغبط من يَقُول الشّعْر وَقَالَ: مَا أعلم أَن لي شعرًا إِلَّا ثَلَاثَة أَبْيَات فِي الشيب وَهِي قَوْله:
(خضبت الشيب لما كَانَ عَيْبا ... وخضب الشيب أولى أَن يعابا)
(وَلم أخضب مَخَافَة هجر خل ... وَلَا عَيْبا خشيت وَلَا عتابا)
(وَلَكِن المشيب بدا ذَمِيمًا ... فصيرت الخضاب لَهُ عقَابا)
قلت: وقذ ذكرت بِهَذَا بَيْتَيْنِ لي فِي الشيب وهما:
(بِاللَّه يَا معشر أَصْحَابِي ... اغتنموا فضلي وآدابي)
(فالشيب قد حل برأسي وَقد ... أقسم لَا يرحل إِلَّا بِي)
وبيتين لي أَيْضا فِيهِ وهما:
(الشيب سَوط عَذَاب ... هام النِّسَاء بقذفه)
(يَكْفِي مشيبي عَيْبا ... إِنِّي رضيت بنتفه)
وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَسبعين وثلثمائة وَسنة ثَمَان وَسبعين وثلثمائة:: فِيهَا سير الْعَزِيز عسكرا مَعَ الْقَائِد مِنْبَر الْخَادِم إِلَى دمشق ليعزل بكجور عَنْهَا ويتولاها فقاتله عِنْد داريا فَانْهَزَمَ بكجور وَدخل الْبَلَد وَطلب الْأمان فَأَمنهُ فَسَار بكجور إِلَى الرقة فاستولى عَلَيْهَا، وَأحسن مِنْبَر السِّيرَة بِدِمَشْق.
وفيهَا: فِي الْمحرم أهْدى الصاحب بن عباد إِلَى فَخر الدولة بن ركن الدولة حسن دِينَارا وَزنه ألف مِثْقَال مَكْتُوبًا عَلَيْهِ:
(وأحمر يَحْكِي الشَّمْس شكلا وَصُورَة ... فأوصافها مُشْتَقَّة من صِفَاته)
(فَإِن قيل دِينَار فقد صدق اسْمه ... وَإِن قيل ألف فَهُوَ بعض سماته)
(بديع وَلم يطبع على الدَّهْر مثله ... وَلَا ضربت أضرابه لسراته)
(وَصَارَ إِلَى شاهان شاه انتسابه ... على أَنه مستصغر لعفاته)