وَأَقَامُوا أَخَاهُ عبد الْملك صَغِيرا، وَمُدَّة ملك مَنْصُور سنة وَسَبْعَة أشهر، وَكتب مَحْمُود بن سبكتكين يلوم بكتورون وفائقا، وقاتلهما أَشد قتال فانهمزما وتبعهما مَحْمُود يقتل فِي عَسْكَرهمْ حَتَّى أبعد، وَاسْتولى مَحْمُود على ملك خُرَاسَان وَقطع مِنْهَا خطْبَة السامانية.
وفيهَا: انقرضت دولة السامانية، فَإِن مَحْمُود بن سبكبكين لما ملك خُرَاسَان وَقطع خطبتهم اتّفق ببخارا بكتورون وفائق مَعَ عبد الْملك بن نوح وشرعوا يجمعُونَ العساكر فاتفق موت فائق وَكَانَ هُوَ الْمشَار إِلَيْهِ فضعفت بؤوسهم بِمَوْتِهِ وَبلغ ذَلِك أيلك خَان فَسَار فِي جمع من الأتراك إِلَى بخارا وَأظْهر الْمَوَدَّة وَالْحمية لعبد الْملك فظنوه صَادِقا، وَخرج إِلَيْهِ بكتورون وَغَيره فَقبض عَلَيْهِم وَسَار حَتَّى دخل بخارا عَاشر ذِي الْقعدَة مِنْهَا، ثمَّ قبض على عبد الْملك بن نوح وحبسه حَتَّى مَاتَ فِي الْحَبْس وَحبس مَعَه أَخَاهُ منصورا الَّذِي سلموه وَبَاقِي بني سامان، وانقرضت دولتهم بعد مَا انتشرت وطبقت كثيرا من الأَرْض وَكَانَت من أحسن الدول سيرة وعدلا فسبحان من لَا يَزُول ملكه، وَابْتِدَاء ولايتهم سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ، وانقراضها فِي هَذِه السّنة.
ثمَّ دخلت سنة تسعين وثلثمائة: فِيهَا وَقيل سنة خمس وَسبعين وثلثمائة توفّي أَبُو الْحُسَيْن أَحْمد بن فَارس بن زَكَرِيَّا اللّغَوِيّ إِمَام فِي عُلُوم شَتَّى وَله الْمُجْمل فِي اللُّغَة وَوضع الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة وَهِي مائَة فِي المقامة الطيبية، وَكَانَ بهمذان وَعَلِيهِ اشْتغل البديع الهمذاني.
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَتِسْعين وثلثمائة: فِيهَا قتل حسام الدولة الْمُقَلّد بن الْمسيب بن رَافع بن الْمُقَلّد بن جَعْفَر بن عمر بن مهنا من ولد ربيعَة بن عَامر بن صعصعة بن مُعَاوِيَة بن بكر بن هوزان الْعقيلِيّ وَكَانَ الْمُقَلّد أَعور، وَأَخُوهُ أَبُو ذواد مُحَمَّد هُوَ أول من استولى مِنْهُم على الْموصل وملكها فِي سنة ثَمَانِينَ وثلثمائة حَسْبَمَا تقدم، ثمَّ ملكهَا بعده أَخُوهُ الْمُقَلّد الْمَذْكُور سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَاسْتمرّ حَتَّى قَتله هَذِه السّنة مماليكه الأتراك بالأنبار وَقد كَانَ عظم شَأْنه، وَقَامَ بعده ابْنه قرواش.
وفيهَا: توفّي أَبُو عبد اللَّهِ الْحُسَيْن بن الْحجَّاج الشَّاعِر بطرِيق النّيل وَنقل إِلَى بَغْدَاد مجوني خليع تولى حسبَة بَغْدَاد مُدَّة، وَهُوَ من كبار الشِّيعَة وَأوصى أَن يدْفن عِنْد مشْهد مُوسَى بن جَعْفَر وَأَن يكْتب على قَبره:" وكلبهم باسط ذِرَاعَيْهِ بالوصيد ". والنيل: بَلْدَة بَين بَغْدَاد والكوفة حفر نهرها الْحجَّاج الثَّقَفِيّ ومخرجه من الْفُرَات وَسَماهُ النّيل:
قلت: وَمِمَّا رثاه بِهِ الشريف الرضي:
(نعوه على حسن ظَنِّي بِهِ ... فَللَّه مَاذَا نعى الناعيان)