ركوة على كتفه وَأمر بِالْمَعْرُوفِ، فَكثر جمعه وَملك برقه وَهزمَ جَيْشًا جهزه إِلَيْهِ الْحَاكِم وغنم مِنْهُ وتقوى وَاسْتولى على الصَّعِيد، فأحضر الْحَاكِم عَسَاكِر الشَّام واستخدم عَسَاكِر وأرسلهم مَعَ أبي الْفضل بن عبد اللَّهِ إِلَى أبي ركوة فتقاتلوا عَظِيما، ثمَّ انْكَسَرَ أَبُو ركوة وَأسر فَقتله الْحَاكِم وصلبه وطيف بِهِ.
ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَتِسْعين وثلثمائة: فِيهَا سَار السُّلْطَان مَحْمُود فأوغل فِي الْهِنْد وغزا وَفتح.
وفيهَا: اسْتعْملت وَالِدَة مجد الدولة بن فَخر الدولة وَكَانَ إِلَيْهَا الحكم أَبَا جَعْفَر بن شهريار الْمَعْرُوف بِابْن كاكويه على أصفهان فَعظم شَأْنه، كَانَ ابْن خَال هَذِه الْمَرْأَة، وكاكويه هُوَ الْخَال بِالْفَارِسِيَّةِ.
وفيهَا: توفّي عبد الْوَاحِد بن نصر بن مُحَمَّد الببغا الشَّاعِر.
قلت: وَمن شعره:
(يَا سادتي هَذِه روحي تودعكم ... إِذْ كَانَ لَا الصَّبْر بثنيها وَلَا الْجزع)
(قد كنت أطمع فِي روح الْحَيَاة لَهَا ... فَالْآن إِذْ بنتم لم يبْق لي طمع)
(لَا عذب اللَّهِ اللَّهِ روحي بِالْبَقَاءِ فَمَا ... أظنها بعدكم بالعيش تنْتَفع)
وَله:
(وكأنما نقشت حوافر خيله ... للناظرين أهلة فِي الجلمد)
(وَكَأن طرف الشَّمْس مطروف وَقد ... جعل الْغُبَار لَهُ مَكَان الإثمد)
وَالله أعلم.
وفيهَا: توفّي البديع أَبُو الْفضل أَحْمد بن الْحُسَيْن الهمذاني صَاحب المقامات وعَلى منوالها نسج الحريري.
قلت: وهيهات، فقد وَقع للبديع مَا لم يصل الحريري إِلَى غباره، غير أَن مقامات الحريري مجموعها أحسن فللبديع مُفْرَدَات لَا تلْحق وَقد اعْترف الحريري فِي خطبَته بفضله، وروى عَن ابْن فَارس وَسكن هراة، وَمن نثره: المَاء إِذا طَال مكثه ظهر خبثه، وَإِذا سكن مَتنه تحرّك نَتنه، وَكَذَلِكَ الصَّيف يسمج لقاؤه إِذا طَال ثواؤه، ويثقل ظله إِذا انْتهى مَحَله.
وَله من تَعْزِيَة: الْمَوْت خطب قد عظم حَتَّى هان، وَمَسّ قد خشن حَتَّى لَان، وَالدُّنْيَا قد تنكرت حَتَّى صَار الْمَوْت أخف خطوبها، وجنت حَتَّى صَار أَصْغَر ذنوبها، فَلْتنْظرْ يمنة هَل ترى إِلَّا محنة، ثمَّ أنظر يسرة هَل ترى إِلَّا حسرة.
وَمن كَلَامه: إِن أَبَا الْحسن لَو أوحشني مَا استوحشت، وَلَو استوحشت لأوحشت، وَلَو أوحشت لأفحشت، وَمن وطىء الْعَقْرَب أوجعته، وَمن قرص الْحَيَّة لسعته، وَإِذا قَالَت