وَكَانَ لصالح بن مرداس ولد بالرحبة اسْمه أَبُو علوان ثمال ولقبه معز الدولة وبلغه موت الدزبري فَسَار وتملك حلب ثمَّ قلعتها فِي صفر سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَأَرْبَعمِائَة وَاسْتمرّ إِلَى سنة أَرْبَعِينَ وَأَرْبَعمِائَة، فَأرْسل إِلَيْهِ المصريون جَيْشًا فَهَزَمَهُمْ ثمَّ جَيْشًا فَهَزَمَهُمْ، ثمَّ صَالح ثمال المصريين وَنزل لعم عَن حلب، فجهزوا الْحسن بن عَليّ ملهم ولقبوه مكين الدولة فتسلم حلب من ثمال بن صَالح بن مرداس فِي سنة تسع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة. وَسَار ثمال إِلَى مصر وَسَار أَخُوهُ عَطِيَّة بن صَالح بن مرداس إِلَى الرحبة.
وَكَانَ لنصر بن صَالح الملقب شبْل الدولة الْمَقْتُول فِي حَرْب الدزبري ولد اسْمه مَحْمُود فكاتبه أهل حلب وعصوا ابْن ملهم، فوصل إِلَيْهِم مَحْمُود وَحصر هُوَ وَأهل حلب ابْن ملهم فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة، فأنجد المصريون ابْن ملهم بعسكر فَرَحل مَحْمُود هارا، وَقبض ابْن ملهم على جمَاعَة من أهل حلب وَأخذ أَمْوَالهم، ثمَّ سَار الْعَسْكَر فِي أثر مَحْمُود فَاقْتَتلُوا فَهَزَمَهُمْ مَحْمُود وَعَاد مَحْمُود إِلَى حلب فحاصرها وَملك الْمَدِينَة والقلعة فِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَأطلق ابْن ملهم ومقدم الْجَيْش وَهُوَ نَاصِر الدولة نَاصِر الدولة بن حمدَان فسارا إِلَى مصر، وَاسْتقر مَحْمُود بن شبْل الدولة نصر بن صَالح بن مرداس فِي حلب.
وَلما وصل ابْن ملهم وناصر إِلَى مصر، وَكَانَ ثمال بن صَالح بن مرداس قد سَار إِلَى مصر كَمَا ذكرنَا جهز المصريون ثمالا بِجَيْش لقِتَال ابْن أَخِيه مَحْمُود فوصل ثمال حلب وَهزمَ مَحْمُودًا، وتسلم ثمال حلب فِي ربيع الأول سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة، ثمَّ توفّي ثمال فِي حلب سنة أَربع وَخمسين فِي ذِي الْقعدَة. وَأوصى بحلب لِأَخِيهِ عَطِيَّة الَّذِي سَار إِلَى الرحبة، فَملك عَطِيَّة حلب فِي السّنة الْمَذْكُورَة.
وَكَانَ مَحْمُود بن شبْل الدولة لما هرب من عَمه ثمال من حلب سَار إِلَى حران فَلَمَّا مَاتَ ثمال وَملك عَطِيَّة حلب جمع مَحْمُود عسكرا وَسَار إِلَى حلب، فَهزمَ عَمه عَطِيَّة عَنْهَا إِلَى الرقة فملكها عَطِيَّة، ثمَّ أخذت الرقة من عَطِيَّة فَسَار وَأقَام بالروم بقسطنطينية حَتَّى مَاتَ بهَا.
وَملك مَحْمُود بن نصر بن صَالح حلب فِي رَمَضَان سنة أَربع وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة ثمَّ استولى على ارتاج من ايدي الرّوم فِي سنة سِتِّينَ، وَتُوفِّي مَحْمُود فِي ذِي الْحجَّة سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة مَالِكًا لحلب بهَا. وَملك بعده ابْنه نصر، ثمَّ قَتله التركمان.
وَملك بعده أَخُوهُ سَابق بن مَحْمُود وَاسْتمرّ إِلَى سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وَأَرْبَعمِائَة فَأخذ حلب مِنْهُ شرف الدولة مُسلم بن قُرَيْش صَاحب الْموصل على مَا سَيذكرُ.
وفيهَا أَعنِي سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعمِائَة: كتب بِبَغْدَاد محْضر بِأَمْر الْقَادِر يتَضَمَّن الْقدح فِي نسب العلويين خلفاء مصر، وَكتب فِيهِ جمَاعَة من العلويين والقضاة والفضلاء وَأَبُو