وفيهَا: أَعنِي سنة خمس وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة: قدم طغرلبك بَغْدَاد وَدخل بابنة الْخَلِيفَة، وثقلوا على النَّاس بِالْإِخْرَاجِ من الدّور والتعرض إِلَى الْحَرِيم.
وفيهَا: سَار طغرلبك بعد دُخُوله بابنة الْخَلِيفَة إِلَى بلد الْجَبَل فوصل إِلَى الرّيّ فَمَرض وَتُوفِّي ثامن رَمَضَان مِنْهَا وعمره سَبْعُونَ تَقْرِيبًا وَكَانَ عقيماً، واستقرت السلطنة بعده لِابْنِ أَخِيه ألب أرسلان بن دَاوُد بن مِيكَائِيل بن سلجوق.
وفيهَا: دخل الصليحي صَاحب الْيمن مَكَّة مَالِكًا لَهَا، فَأحْسن وجلب الأقوات.
وفيهَا: زلزل الشَّام فخرب سور طرابلس.
وفيهَا: ولى الْمُسْتَنْصر بَدْرًا أَمِير الجيوش دمشق، ثمَّ ثارت الْجند ففارقها.
وفيهَا: توفّي سعيد بن نصر الدولة بن أَحْمد بن مَرْوَان صَاحب آمد وديار بكر.
قلت: وفيهَا توفّي بالمعرة أَبُو الْحُسَيْن بن عَليّ بن الْفضل بن جَعْفَر بن عَليّ بن الْمُهَذّب التنوخي المعري، قَرَأَ الْقُرْآن الْعَظِيم للسبعة وليعقوب الْحَضْرَمِيّ وَأبي جَعْفَر وَشَيْبَة ثَمَانِيَة وَعشْرين رِوَايَة وَلَقي شُيُوخ الْقُرَّاء بحلب وَغَيرهَا وَقَرَأَ عَلَيْهِ خلق، وَكَانَ مُفَسرًا خَطِيبًا شَاعِرًا رَحمَه الله، وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة: فِيهَا قبض ألب أرسلان على عميد الْملك الْوَزير أبي نصر مَنْصُور بن مُحَمَّد الكندري وَزِير عَمه طغرلبك سعى بِهِ نظام الْملك وَزِير ألب أرسلان وَحبس فِي مرو الروذ، ثمَّ قَتله بعد سنة وَقطع رَأسه ونقلت جثته إِلَى كندر فَدفن عِنْد أَبِيه وَكَانَ عمره نيفاً وَأَرْبَعين، وَكَانَ خَصيا لِأَن طغرلبك أرْسلهُ ليخطب لَهُ امْرَأَة فَتَزَوجهَا هُوَ فخصاه.
وَكَانَ عميد الْملك كثير الوقيعة فِي الإِمَام الشَّافِعِي، خَاطب طغرلبك فِي لعن الرافضة على المنابر بخراسان فَأذن لَهُ بذلك، فَأمر بلعنهم وأضاف إِلَيْهِم الأشعرية، فَأَنف من ذَلِك أَئِمَّة خُرَاسَان مِنْهُم أَبُو الْقَاسِم الْقشيرِي وَأَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ وَأقَام بِمَكَّة أَربع سِنِين فَسُمي إِمَام الْحَرَمَيْنِ.
وَمن الْعجب: أَن ذكر عميد الْملك وأنثييه دفنت بخوارزم لما خصي، وَدَمه سفح بمرو، وَجَسَده دفن بكندر، وَرَأسه إِلَّا قحفه دفن بنيسابور، وقحفه نقل إِلَى كرمان لِأَن نظام الْملك كَانَ هُنَاكَ:
قلت:
(مَا لعميد ملكهم ... من عَاصِم أَو نَافِع)
(وكل ذَا يَا مالكي ... بطعنه فِي الشَّافِعِي)
وَالله أعلم.
وفيهَا: ملك ألب أرسلان قلعة جيلان، ثمَّ حاصر عَمه بيغو فِي هراة وملكها وَأكْرم