وفيهَا: قتل دَاوُد بن السُّلْطَان مَحْمُود بن ملك شاه غيلَة وَلم يعرف قَاتله.
وفيهَا: توفّي أَبُو الْقَاسِم مَحْمُود بن عمر بن مُحَمَّد بن عمر الْخَوَارِزْمِيّ، الزَّمَخْشَرِيّ، ومولده فِي رَجَب سنة سبع وَسِتِّينَ وَأَرْبَعمِائَة، وزمخشر من قرى خوارزم إِمَام عصره غير مدافع متظاهر بالإعتزال، حَنَفِيّ الْمَذْهَب افْتتح كشافه فِي التَّفْسِير بِالْحَمْد لله الَّذِي خلق الْقُرْآن ثمَّ أصلح بعده بِالْحَمْد لله الَّذِي أنزل الْقُرْآن، وَله الْمفصل فِي النَّحْو، وَكم لَهُ من كتاب قدم بَغْدَاد وناظر بهَا وجاور بِمَكَّة سِنِين فَسُمي جَار الله.
وَمن شعره يرثي شَيْخه أَبَا مُضر منصوراً:
(وقائلة مَا هَذِه الدُّرَر الَّتِي ... تساقط من عَيْنَيْك سمطين)
(فَقلت لَهَا الدّرّ الَّذِي كَانَ قد حَشا ... أَبُو مُضر أُذُنِي تساقط من عَيْني)
وَله:
(فَإنَّا اقتصرنا بالذين تضايقت ... عيونهم وَالله يَجْزِي من اقْتصر)
(مليح وَلَكِن عِنْده كل جفوة ... وَلم أر فِي الدُّنْيَا صفاء بِلَا كدر)
قلت: وَقد أذكرني هَذَا بَيْتَيْنِ لي وهما:
(سل الله رَبك من فَضله ... إِذا عرضت حَاجَة مقلقة)
(وَلَا تقصد التّرْك فِي حَاجَة ... فأعينهم أعين ضيقَة)
وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة تسع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة: فِيهَا فتح زنكي الرها من الفرنج بِالسَّيْفِ بعد حِصَار نَحْو شهر وسروج وَسَائِر مَا بيد الفرنج شَرْقي الْفُرَات، وحاصر البيرة ثمَّ رَحل عَنْهَا بِسَبَب قتل نَائِبه بالموصل نصير الدّين جقر، وَسبب قَتله أَن ألب أرسلان بن السُّلْطَان مُحَمَّد بن مُحَمَّد السلجوقي كَانَ عِنْد زنكي، وَكَانَ زنكي مُتَوَلِّيًا هَذِه الْبِلَاد الَّتِي بيد الْملك ألب أرسلان وأتابكه وَلذَلِك قيل الأتابك زنكي، وَكَانَ جقر يقوم بوظائف خدمَة ألب أرسلان بالموصل فَحسن بعض المناحيس لألب أرسلان حَتَّى قتل جقر طَمَعا فِي أَخذ الْبِلَاد من زنكي، فاجتمعت كبراء دولة زنكي، وأمسكوا ألب أرسلان فَترك زنكي البيرة لذَلِك وخشي الفرنج بالبيرة من عوده فسلموها إِلَى نجم الدّين صَاحب ماردين وَصَارَت للْمُسلمين.
وفيهَا: خرج أسطول الفرنج من صقلية إِلَى سَاحل إفريقية فملكوا مَدِينَة برسك قتلا وسبياً.
ثمَّ دخلت سنة أَرْبَعِينَ وَخَمْسمِائة: فِيهَا هرب عَليّ بن دبيس بن صَدَقَة من السُّلْطَان مَسْعُود فاستولى على الْحلَّة وتقوى.
وفيهَا: اعتقل الْخَلِيفَة المقتفي أَخَاهُ أَبَا طَالب وَغَيره من أَقَاربه.