للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة: فِيهَا حصر السُّلْطَان الْموصل ثَانِيًا فَأرْسل إِلَيْهِ عز الدّين مَسْعُود والدته وَابْنَة عَمه نور الدّين وَجَمَاعَة من النِّسَاء يطْلبُونَ مِنْهُ ترك الْموصل وَمَا بِأَيْدِيهِم فردهم واستقبح مِنْهُ ذَلِك، وحاصرها، وبلغه وَفَاة شاه أرمن صَاحب خلاط فِي ربيع الآخر مِنْهَا، فَسَار إِلَيْهَا باستدعاء أَهلهَا ليملكها.

وفيهَا: توفّي نور الدّين مُحَمَّد بن قرا أرسلان بن دَاوُد صَاحب الْحصن وآمد، وَملك بعده إبنه قطب الدّين سقمان صَغِيرا وَدبره القوام بن سماقا الأسعدي، وَحضر سقمان إِلَى صَلَاح الدّين وَهُوَ عَليّ ميافارقين فأقره وَأقَام مَعَه أَمِيرا من أَصْحَاب أبي سقمان وحاصر ميافارقين وَكَانَت لصَاحب ماردين المتوفي، وَبهَا من يحفظها من جِهَة شَاة أرمن صَاحب خلاط المتوفي، وملكها صَلَاح الدّين فِي جُمَادَى الأولى ثمَّ رَجَعَ عَن قصد خلاط إِلَى الْموصل فَجَاءَتْهُ رسل مَسْعُود فِي الصُّلْح، وَاتفقَ مرض السُّلْطَان فَسَار من كفر زمار عَائِدًا إِلَى حران، فلحقته رسل الْموصل بالإجابة إِلَى مَا طلب وَهُوَ أَن تسلم إِلَيْهِ شهرزور وأعمالها وَولَايَة الْقرى بل وَمَا وَرَاء الزاب، ويخطب لَهُ وتضرب لَهُ السِّكَّة باسمه، وتسلم السُّلْطَان ذَلِك وَتمّ الصُّلْح وَوصل إِلَى حران مَرِيضا حَتَّى أيس مِنْهُ ثمَّ عوفي وَعَاد إِلَى دمشق فِي الْمحرم سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة.

وفيهَا: لَيْلَة عيد الْأَضْحَى شرب بحمص صَاحبهَا نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن شيركوه فَأصْبح مَيتا، قيل دس السُّلْطَان عَلَيْهِ سما لمكاتبته أهل دمشق فِي مَرضه وَأقر السُّلْطَان مَوْضِعه إبنه شيركوه وعمره اثْنَتَا عشرَة سنة.

وفيهَا: توفّي الْحَافِظ مُحَمَّد بن عمر بن أَحْمد الْأَصْفَهَانِي الْمَدِينِيّ إِمَام فِي الْحِفْظ والمعرفة مؤلف فِي عُلُوم الحَدِيث لَهُ المغيث تَكْمِلَة غريبي الْهَرَوِيّ واستدرك عَلَيْهِ ومولده سنة إِحْدَى وَخَمْسمِائة.

قلت: وفيهَا فِي جُمَادَى الْآخِرَة توفّي الشَّيْخ حَيَاة بن قيس الْحَرَّانِي وَهُوَ أحد الْأَرْبَعَة الَّذين يتصرفون فِي قُبُورهم كتصرف الْأَحْيَاء وَقد تقدم ذكرهم جَاءَهُ الشَّيْخ رغيب الرَّحبِي زَائِرًا فوافاه بعد الصُّبْح جَالِسا وَبَين يَدَيْهِ معزى لَهُ فَسلم عَلَيْهِ وَجلسَ على دكة بإزائه وَبَينهمَا أَكثر من عشرَة أَذْرع فَلم يكلمهُ فَقَالَ فِي نَفسه جِئْت إِلَيْهِ من الرحبة، واشتغل عني بمعزى فَقَالَ: يَا رغيب قد أمرت أَن أعطب فِيك شَيْئا بِسَبَب إعتراضك فاختر إِمَّا من ظاهرك وَإِمَّا من باطنك فَقَالَ لَا يَا سَيِّدي بل من ظاهري فَمد الشَّيْخ حَيَاة إصبعه يَسِيرا فسالت عين الشَّيْخ رغيب على خُذْهُ فَقَامَ وَقبل الأَرْض وَعَاد إِلَى الرحبة ثمَّ رَأَوْهُ بعد سِنِين بِمَكَّة صَحِيح الْعَينَيْنِ فَسَأَلَ فَقَالَ: كنت فِي فِي سَماع ببلدنا وَفِيه رجل من مريدي الشَّيْخ حَيَاة فَوضع يَده على عَيْني فَردَّتْ صَحِيحَة كَمَا ترى وَلما أَشَارَ الشَّيْخ بإصبعه إِلَى عَيْني وسالت على خدي انفتحت فِي قلبِي عين شاهدت بهَا أسراراً، وَقد زَادَت عجائب من آيَات الله تَعَالَى وَبنى بِنَجْرَان مَسْجِدا وَحضر الشَّيْخ رغيب قبلته فنازعه المهندس فِي الْقبْلَة، فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ: انْظُر ترى

<<  <  ج: ص:  >  >>