على عز الدّين مَسْعُود فخيبهن ثمَّ نَدم، فَجرى للأفضل بن صَلَاح الدّين مَعَ عَمه مثله، وَهَذِه بِتِلْكَ فَأَقَامَ الْأَفْضَل بسميساط، وَقطع خطْبَة عَمه الْعَادِل، وخطب للسُّلْطَان سُلَيْمَان بن قلج أرسلان السلجوقي صَاحب الرّوم.
وفيهَا: فِي جُمَادَى الأولى توفّي غياث الدّين أَبُو الْفَتْح مُحَمَّد بن سَام بن الْحُسَيْن الغوري صَاحب غزنة وَغَيرهَا.
وَكَانَ أَخُوهُ شهَاب الدّين بطوس عَازِمًا على قصد خوارزم، وَلم يحسن شهَاب الدّين الْخلَافَة على مَحْمُود ابْن أَخِيه الَّذِي تلقب غياث الدّين بلقب أَبِيه وَلَا على غَيره من أَهله وَقبض على زَوْجَة أَخِيه غياث الدّين، وَكَانَت مغنية وضربها وصادرها وَلم تنهزم لغياث الدّين راية قطّ مَعَ الدهاء وَحسن العقيدة والخط، وَنسخ مصاحف بِخَطِّهِ لمدارسه وَصَارَ شافعياً.
وفيهَا: استولى الكرج على دوين من أذربيجان نهباً وقتلاً فوبخت الْأُمَرَاء أَبَا بكر بن البهلوان صَاحب أذربيجان على تَشَاغُله عَنْهَا بالشرب فَلم يلْتَفت.
وفيهَا: توفيت زمرد أم الإِمَام النَّاصِر وَكَانَت كَثِيرَة الْمَعْرُوف.
قلت: وفيهَا توفّي الشَّيْخ أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْقرشِي فِي السَّادِس من ذِي الْحجَّة وَدفن بجبانة ماملا ظَاهر بَيت الْمُقَدّس ومولده قريب من سنة أَربع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة بالأندلس، وَله كرامات خارقة وأنفاس صَادِقَة.
وَمن كَلَامه: من لم يراع حُقُوق الإخوان بترك حُقُوقه حرم بركَة الصُّحْبَة.
وَمِنْه: من لم يكن لَهُ مقَام فِي التَّوَكُّل كَانَ نَاقِصا فِي توحيده.
وَمِنْه: من ملك الْأَشْيَاء وَلم تملكه تصرف فِيهَا بالخلافة واسترقها بِالْحُرِّيَّةِ.
وَمِنْه: من عَلامَة الْوَلِيّ إِذا طَال عمره كثر عمله، وَإِذا كثر فقره زَاد سخاؤه، وَإِذا زَاد علمه كثر تواضعه.
وَمِنْه: الْفقر سر لَا يُعلمهُ إِلَّا الْأَنْبِيَاء وَبَعض الصديقين.
وَمِنْه: من صدق بِهَذَا الْأَمر فَهُوَ ولي، وَمن أدْرك مِنْهُ مقَاما أَو نَالَ مِنْهُ حَالا فَهُوَ بدل.
عبر يَوْمًا على عَرصَة الْعِنَب فاتصل بِهِ أَنِين بعض الْأَحْمَال فَوقف وزايد فِي الْحمل وَدفع فِيهِ إِنْسَان أَكثر من قِيمَته، وَكَانَ يعصر الْخمر فَاشْتَرَاهُ الشَّيْخ وَدفع ثَوْبه فِي قِيمَته فسكن أنينه ومناقبه مَجْمُوعَة مَشْهُورَة، وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة سِتّمائَة: والعادل بِدِمَشْق.
وفيهَا: هادن صَاحب حماه الفرنج.
وفيهَا: نَازل ابْن الأون ملك الأرمن أنطاكية فَتحَرك الظَّاهِر بحلب إِلَى حارم فَرَحل اللعين على عقبه.