تَحت حكمه، وخوطب الْملك الْعَادِل فِيهِ شاهنشاه ملك الْمُلُوك خَلِيل أَمِير الْمُؤمنِينَ، ثمَّ توجه الشَّيْخ شهَاب بِالْبرِّ إِلَى مصر، فَفعل نَظِير مَا فعل بِدِمَشْق من الاحتفال، ثمَّ عَاد الشَّيْخ إِلَى بَغْدَاد مكرماً مُعظما.
وفيهَا: اهتم الْعَادِل بعمارة قلعة دمشق، وألزم كلا من أهل بَيته ببرج مِنْهَا.
وفيهَا: كاتبت مُلُوك مَا وَرَاء النَّهر مثل ملك سَمَرْقَنْد وَملك بخارا خوارزم شاه يَشكونَ مَا يلقونه من الخطا ويبذلون لَهُ السِّكَّة وَالْخطْبَة فِي بِلَادهمْ إِن دفع الخطا فَعبر عَلَاء الدّين مُحَمَّد خوارزم شاه بن تكش نهر جيحون وَقَاتل الخطا دفعات وَالْحَرب سِجَال، وَاتفقَ فِي بعض الوقعات أَن عَسْكَر خوارزم انهزم وَأسر خوارزم شاه وَأسر مَعَه شخص اسْمه فلَان بن شهَاب الدّين مَسْعُود وَلم يعرفهما الخطائي الَّذِي أسرهما، فَقَالَ ابْن مَسْعُود لخوارزم شاه: دع الْملك وَقل إِنَّك غلامي واخدمني لتخلص فَفعل ذَلِك وَشرع بخدمه حَتَّى فِي نزع خفه فَسَأَلَ الخطائي ابْن مَسْعُود من أَنْت؟ فَقَالَ: أَنا فلَان فَقَالَ: لَوْلَا أَخَاف من الخطا أطلقتك، فَقَالَ ابْن مَسْعُود: أخْشَى أَن يَنْقَطِع خبري عَن أَهلِي وأشتهي أَن يعلمُوا بحياتي حَتَّى لَا يتقاسموا مَالِي، وأشتهي أبْعث بغلامي هَذَا مَعَ رَسُولك ليصدقوه، فَأجَاب إِلَى ذَلِك وَرَاح خوارزم شاه مَعَ ذَلِك الشَّخْص حَتَّى قرب من خوارزم، فَرجع الخطائي وَاسْتقر خوارزم شاه فِي ملكه، وتراجع إِلَيْهِ عسكره.
قلت: لقد كتم خوارزم شاه سره فكتم وخدم من هُوَ دونه، فخدم وأذل نَفسه فعز ودقق الْحِيلَة فِي المحز، شعر:
(ملك ويخدم سوقه ... عقلا ومكراً مفرطاً)
(لَوْلَا أَتبَاع صَوَابه ... مَا فَازَ من أسر الخطا)
وَالله أعلم.
وَكَانَ أَخُوهُ عَليّ شاه بن تكش نَائِبه بخراسان، فَلَمَّا بلغه عدم أَخِيه مَعَ الْخَطَأ طلب السلطنة وَجَرت بخراسان فتن، فَلَمَّا عَاد خوارزم شاه خَافَ أَخُوهُ عَليّ شاه فلحق بغياث الدّين مَحْمُود ملك الغورية فَأكْرمه وَجعله عِنْده بفيروزكوه.
قتل غياث الدّين مَحْمُود وَعلي شاه: وَلما بلغ خوارزم شاه فعل أَخِيه أرسل عسكراً لقِتَال غياث الدّين مَحْمُود الغوري إِلَى فيروزكوه ومقدمهم أَمِير ملك فَأرْسل مَحْمُود يبْذل الطَّاعَة فَأَمنهُ أَمِير ملك فَخرج إِلَيْهِ مَحْمُود وَمَعَهُ عَليّ شاه فَقبض عَلَيْهِمَا وَكتب إِلَى خوارزم شاه بذلك، فَأمره بِقَتْلِهِمَا فَقَتَلَهُمَا فِي يَوْم وَاحِد، واستقامت خُرَاسَان كلهَا لخوارزم شاه وَذَلِكَ فِي سنة خمس وسِتمِائَة.
ومحمود هَذَا آخر مُلُوك الغورية، كَانَ كَرِيمًا عادلاً ودولتهم من أحسن الدول، ثمَّ أَن خوارزم شاه عبر النَّهر إِلَى الخطا، وَكَانَت التتر وَرَاء الخطا فِي حُدُود الصين، وَكَانَ ملكهم