للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَ أسمر حسن الْوَجْه قد أسْرع إِلَيْهِ الشيب، شَدِيد الهيبة، قَلِيل الصَّبْر، وَملك بعده ابْنه الْملك القاهر عز الدّين مَسْعُود وَهُوَ ابْن عشر سِنِين وَدبره بدر الدّين لُؤْلُؤ مَمْلُوك أَبِيه وأستاذ دَاره، وَهُوَ الَّذِي ملك الْموصل، ولأرسلان شاه ولد آخر أَصْغَر من القاهر اسْمه زنكي ملكه أَبوهُ قلعتي الْعقر وسوس قرب الْموصل.

وفيهَا: وَردت رسل الْخَلِيفَة النَّاصِر لدين الله إِلَى مُلُوك الْأَطْرَاف أَن يشْربُوا لَهُ كأس الفتوة، ويلبسوا لَهَا سراويلها وَأَن ينتسبوا إِلَيْهِ فِي رمي البندق ويجعلوه قدوتهم فِيهِ

قلت: وَكَانَ بعض الْفُضَلَاء قد استفتى فِي هَذِه الفتوة بِمصْر وَالشَّام، وَأخذ بتحريمها خطوط الْعلمَاء الْأَعْلَام، فَمنهمْ من أجَاب على جاري الْعَادة وَمِنْهُم من أجَاب بنثر أبدعه ونظم أجاده وأحضرها بعد ذَلِك إِلَيّ فامتنعت من الْكِتَابَة عَلَيْهَا لقصوري فألح عَليّ فَكتبت مَا صورته:

أما بعد: حمداً لله الَّذِي من اتبع مَا أنزلهُ قبل وَمن خَالف كِتَابه وَسنة نبيه خذل، وَالصَّلَاة على رَسُوله مُحَمَّد الَّذِي شَرِيعَته هِيَ الفتوة حَقًا، وطريقته هِيَ الْمُرُوءَة صدقا، وعَلى آله أهل الرأفة والإشفاق وَصَحبه الْمَأْخُوذ عَنْهُم مَكَارِم الْأَخْلَاق فقد غاضني حَتَّى هاضني وأحنقني حَتَّى خنقني مَا أحدثه أهل الْجَهْل والابتداع، وَسكت عَنهُ الْعلمَاء حَتَّى شاع فِي الرعاع وذاع، وَهِي الْبِدْعَة الَّتِي يجب إخفاء رسمها، والمنكرة الْمَعْرُوفَة بالفتوة وَهِي ضد اسْمهَا، وَكَيف لَا وَقد عكف عَلَيْهَا أَتبَاع الضَّلَالَة ودعا إِلَيْهَا الحمقى وَأهل البطالة يجمعُونَ لَهَا الجموع والأنباط، ويحضرها المرد وَأهل اللواط، فَمنهمْ من يتصابى على سنة وَمِنْهُم من يمشي على بَطْنه وَمِنْهُم قوم إِذا الشَّرّ أبدى ناجذيه طاروا إِلَيْهِ وَإِن تنحنح ذُو سطوة أجابوه بسكين وقرؤا التكاثر عَلَيْهِ إِن اضمرت كلمة الْحق ظَهَرُوا وَإِن بني علم الْإِيمَان على الْفَتْح استتروا مَا أحقهم بِنَفْي الْجِنْس وَمَا أولاهم بِالْكَسْرِ وجعلهم كأمس.

شعر:

(جنائز مَجْمُوعَة ... بعهم كَبيع الْمُفلس)

(لَا قبض فِي صرفهم ... مَا هم خِيَار الْمجْلس)

كَبِيرهمْ العَاصِي يزِيد تيها على ابْن الْفُرَات وَهُوَ عِنْد الشَّرِيعَة صَغِير ويتصدر - فيهم بِغَيْر علم وَلَا هدى وَلَا كتاب مُنِير يلْبِسهُمْ لِبَاس شَرّ ولباس التَّقْوَى ذَلِك خير، ويشد التكة بِيَدِهِ وَرُبمَا حل بِهِ عقيدة الْغَيْر خُصُوصا إِذا كَانَ اللابس نقي خد فَتلك راية فَرح الْجَمَاعَة وَالطَّرِيق إِلَى مَا قد يُوجب الْحَد ويسقيهم مَاء لَهُ بالملح مزاج بئس الشَّرَاب، وَلَو كَانَ عذباً فراتاً فَكيف وَهُوَ ملح أجاج يشقيهم بِمَا يسقيهم ويطغيهم بِمَا يعطيهم فيضلون بالبدعة جمعا وهم يحسبون أَنهم يحسنون صنعا ويمد لَهُم خوانًا يجمع فَاسِقًا، وخواناً جمع ثمنه من الششم والأنزروت والقرعة والقمار وَضرب التخوت والزبل والكنس والحجامة والدبغ والحوك والنجامة، وَمن الزفورية والطرقية وَسَائِر الْحَرْف الدنية بعدا لَهَا من بِدعَة سفلى

<<  <  ج: ص:  >  >>