وفيهَا: توفّي الْأَمِير عَليّ بن الإِمَام النَّاصِر فأحزن أَبَاهُ ورثته الشُّعَرَاء.
وفيهَا: قصدت العساكر من بَغْدَاد وَغَيرهَا منكلي صَاحب هَمدَان وأصبهان والري فَانْهَزَمَ وَقتل فِي ساوه، وَتَوَلَّى بعده أغملش أحد المماليك البهلوانية أَيْضا.
وفيهَا: فِي شعْبَان ملك خوارزم شاه بن تكش غزنة من يلدز الْمُقدم ذكره فهرب يلدز إِلَى لهاوور من الْهِنْد وَاسْتولى عَلَيْهَا، ثمَّ سَار عَن لهاوور ليستولي على بعض الْهِنْد الدَّاخِل تَحت حكم قطب الدّين أيبك خشداشه فاقتتلا فَقتل يلدز، وَكَانَ محسنا إِلَى الرّعية. وفيهَا: توفّي الْوَجِيه الْمُبَارك بن أبي الْأَزْهَر سعيد بن الدهان النَّحْوِيّ الضَّرِير قَرَأَ على ابْن الْأَنْبَارِي وَغَيره، كَانَ حنبلياً فَصَارَ حنفياً ثمَّ شافعياً فَقَالَ فِيهِ أَبُو البركات زيد التكريتي:
(أَلا مبلغ عني الْوَجِيه رِسَالَة ... وَإِن كَانَ لَا تجدي إِلَيْهِ الرسائل)
(تمذهبت للنعمان بعد ابْن حَنْبَل ... وفارقته إِذْ أعوزتك المآكل)
(وَمَا اخْتَرْت رَأْي الشَّافِعِي تديناً ... ولكنما تهوى الَّذِي هُوَ حَاصِل)
(وَعَما قَلِيل أَنْت لَا شكّ صائر ... إِلَى مَالك فافطن لما أَنا قَائِل)
قلت: وَهَذَا غير ابْن الدهان الْمَعْرُوف بالحمصي، فَذَلِك أَبُو الْفرج عبد الله بن أسعد بن عَليّ بن عِيسَى المنعوت بالمهذب بن الدهان الْفَقِيه الشَّاعِر الَّذِي من شعره السائر:
(يضحى يجانبني مجانبة العدا ... ويبيت وَهُوَ إِلَى الصَّباح نديم)
(ويمر بِي يخْشَى الوشاة وَلَفظه ... شتم وملء جفونه تَسْلِيم)
وَتُوفِّي بحمص سنة إِحْدَى وَهُوَ الْأَصَح، وَقيل: اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَخَمْسمِائة وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة: فِيهَا فِي ثَالِث عشر جمادي الْآخِرَة توفّي الْملك الظَّاهِر غَازِي، وعمره أَربع وَأَرْبَعُونَ سنة وَكسر، وَملكه لحلب من حِين وَهبهَا لَهُ أَبوهُ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ سنة، كَانَ مقدما على سفك الدِّمَاء، ثمَّ أقصر عَنهُ.
وَملك بعده ابْنه الصَّغِير الْملك الْعَزِيز بِعَهْد من أَبِيه وعمره سنتَانِ وَأشهر ودبر أُمُوره شهَاب الدّين طغرل بك الْخَادِم فَأحْسن السياسة، وَكَانَ عمره الصَّالح أَحْمد أخي الْعَزِيز اثْنَتَيْ عشرَة سنة، وَأوصى الظَّاهِر لَهُ بِالْملكِ بعد الْعَزِيز وَأخرج الظافر المشمر قبل مَوته إِلَى إقطاعه كفر سود، وَعلم الدّين قَيْصر الظَّاهِرِيّ إِلَى حارم نَائِبا.
وفيهَا: توفّي تَاج الدّين زيد بن الْحسن بن زيد الْكِنْدِيّ النَّحْوِيّ اللّغَوِيّ، وَله الْإِسْنَاد العالي فِي الحَدِيث والفنون، انْتقل إِلَى دمشق وَهُوَ بغدادي المولد والمنشأ.
قلت: كتب إِلَيْهِ أَبُو شُجَاع الدهان الفرضي:
(يَا زيد زادك رَبِّي من مواهبه ... نعمى يقصر عَن إِدْرَاكهَا الأمل)