ثمَّ سَار الْمُسلمُونَ فاستولوا على حران، وهرب الخوارزمية إِلَى بلد عانة، وبادر لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل إِلَى نَصِيبين ودارا وهما للخوارزمية، فاستولى عَلَيْهِمَا وخلص من بهما من الأسرى وَمِنْهُم الْملك الْمُعظم توران شاه بن النَّاصِر صَلَاح الدّين أَسِيرًا من حِين كسرة الحلبيين فَحَمله لُؤْلُؤ إِلَى الْموصل وَقدم لَهُ تحفاً وَبعث بِهِ إِلَى عَسْكَر حلب.
وَاسْتولى عَسْكَر حلب على الرقة وسروج والرها وَرَأس عين وَمَا مَعهَا، وَاسْتولى صَاحب حمص الْمَنْصُور إِبْرَاهِيم على بلد الخابور، ثمَّ سَار عَسْكَر حلب وَوصل إِلَيْهِم نجدة من الرّوم وحاصروا الْملك الْمُعظم بن الْملك الصَّالح بآمد وتسلموها مِنْهُ وَتركُوا لَهُ حصن كيفا وقلعة الْهَيْثَم، وَلم يزل ذَلِك بِيَدِهِ حَتَّى توفّي أَبوهُ الصَّالح أَيُّوب بِمصْر، وَسَار إِلَيْهَا الْمُعظم الْمَذْكُور، وَبَقِي ابْن الْمُعظم الْملك الموحد عبد الله بن الْمُعظم توران شاه بن الصَّالح أَيُّوب بن الْكَامِل مُحَمَّد بن الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب مَالِكًا لحصن كيفا إِلَى أَيَّام التتر وطالت مدَّته بهَا.
وفيهَا: هلك الْجواد يُونُس بن مودود بن الْعَادِل، وَذَلِكَ أَنه كَانَ قد استولى بعد ملك دمشق على سنجار وعانة، فَبَاعَ عانة من الْخَلِيفَة الْمُسْتَنْصر، وحاصر لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل سنجار، وَاسْتولى عَلَيْهَا فِي غيبَة يُونُس عَنْهَا، وَلم يبْق بيد يُونُس من الْبِلَاد شَيْء فَسَار على