قلت: وَمَا أقرب التأويلات السَّابِقَة لَو كَانَت مسطورة وَالله أعلم.
وفيهَا: توفّي عز الدّين أيبك المعظمي فِي محبسه بِالْقَاهِرَةِ أَخذ أستاذه الْمُعظم صرخد من صَاحبهَا ابْن قراجا وَأَعْطَاهَا لَهُ، وَفِي سنة أَربع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة حَبسه بِالْقَاهِرَةِ حَتَّى مَاتَ، وَدفن بِمصْر، ثمَّ نقل إِلَى تربة أَنْشَأَهَا بِدِمَشْق بالشرق الْأَعْلَى.
قلت: وَفِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وسِتمِائَة توفّي ابْن البيطار الطَّبِيب البارع ضِيَاء الدّين عبد الله بن أَحْمد المالقي صَاحب كتاب الْأَدْوِيَة المفردة انْتَهَت إِلَيْهِ معرفَة تَحْقِيق النَّبَات وَصِفَاته وأماكنه ومنافعه، وَله اتِّصَال بِخِدْمَة الْملك الْكَامِل ثمَّ ابْنه الصَّالح وَالله اعْلَم.
ثمَّ دخلت سنة سبع وَأَرْبَعين وسِتمِائَة: فِيهَا فِي صفر ملكت الفرنج دمياط خَالِيَة مفتحة الْأَبْوَاب بِلَا قتال، وَكَانَ قد شحنها الصَّالح بالذخائر وَجعل فِيهَا بني كنَانَة الشجعان فَهَرَبُوا مِنْهَا خوفًا من برنس إفرنسيس وَمَعَهُ خَمْسُونَ ألف مقَاتل إفرنجي، ثمَّ شنق الصَّالح بني كنَانَة عَن آخِرهم، وَنزل المنصورة لخمس بَقينَ من صفر وَهُوَ مَرِيض السل، والبرنس بلغتهم الْملك، وإفرنسيس أمة عَظِيمَة من أُمَم الفرنج.
وفيهَا: استجار النَّاصِر دَاوُد بن الْمُعظم عِيسَى بن الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب صَاحب الكرك بالناصر صَاحب حلب لما ضَاقَ أمره، وَأرْسل من حلب إِلَى الْخَلِيفَة أودع عِنْده جوهراَ يُسَاوِي مائَة ألف دِينَار إِذا بيع بالهوان وَوصل خطّ الْخَلِيفَة المستعصم بِتَسْلِيمِهِ، فَكَانَ آخر الْعَهْد بِهِ لما وَقع من الْحَوَادِث، واستناب على الكرك ابْنه الْمُعظم عِيسَى، فَغَضب ابناه الأكبران الأمجد حسن وَالظَّاهِر شاذي لذَلِك، وَبعد سفر أَبِيهِمَا قبضا على أخيهما عِيسَى وسلما الكرك إِلَى الصَّالح أَيُّوب وَهُوَ بالمنصورة بإقطاع رضياه، فسر الصَّالح بذلك لحقده على صَاحبهَا.
وفيهَا توفّي الْملك الصَّالح: أَيُّوب بن الْكَامِل مُحَمَّد بن الْعَادِل أبي بكر بن أَيُّوب فِي شعْبَان، وَملكه لمصر تسع سِنِين وَكسر، وعمره نَحْو أَرْبَعِينَ، وَكَانَ مهيباً طَاهِر اللِّسَان والذيل، لَا يُخَاطب إِلَّا جَوَابا يكْتب بِيَدِهِ على الْقَصَص، وَيخرج للموقعين.
وَكَانَ أَكثر الْأُمَرَاء مماليكه، ورتب جمَاعَة من المماليك التّرْك حول دهليزه وَسَمَّاهُمْ البحرية، وَبنى قلعة الجزيرة وَبنى الصالحية بَلْدَة بالسائح وَبنى بهَا قصوراً للتصيد وَبنى قصر الْكَبْش عَظِيما بَين مصر والقاهرة، وَأمه ورد المنى جَارِيَة سَوْدَاء وَتُوفِّي ابْنه فتح الدّين عمر فِي حبس الصَّالح إِسْمَاعِيل.