وفيهَا: ثَالِث شَوَّال توفّي سيف الدّين طغرل بك مَمْلُوك المظفر صَاحب حماه زَوْجَة المظفر أُخْته ودبر حماه بعده حَتَّى توفّي.
ثمَّ دخلت سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة: فِيهَا يَوْم الثُّلَاثَاء الثَّالِث وَالْعِشْرين من ربيع الأول قتل الْملك الْمعز أيبك التركماني الجاشنكير الصَّالِحِي قتلته زَوجته شَجَرَة الدّرّ الَّتِي كَانَت زَوْجَة أستاذه الْملك الصَّالح، وخطب لَهَا بالسلطنة بلغَهَا أَنه خطب ابْنة بدر الدّين لُؤْلُؤ صَاحب الْموصل فجهزت عَلَيْهِ الْجَوْجَرِيّ والخدام فِي الْحمام، وَأرْسلت تِلْكَ اللَّيْلَة أصْبع أيبك الْمعز وخاتمه إِلَى الْأَمِير عز الدّين الْحلَبِي الْكَبِير فَلم يَجْسُر على الْقيام بِالْأَمر وحمتها المماليك الصالحية من الْقَتْل، وأقيم نور الدّين عَليّ بن الْملك الْمعز، ولقب بالمنصور، وعمره خمس عشرَة سنة ونقلت شَجَرَة الدّرّ إِلَى البرج الْأَحْمَر وصلبوا الخدام القاتلين، وهرب سنجر الْجَوْجَرِيّ مَمْلُوك الطواشي محسن، ثمَّ صلبوه واحتيط على الصاحب بهاء الدّين بن حناء لكَونه وَزِير شَجَرَة الدّرّ وَأخذ خطه بستين ألف دِينَار.
وَفِي يَوْم الْجُمُعَة عَاشر ربيع الآخر اتّفق مماليك الْمعز أيبك، مثل سيف الدّين قطز وسنجر الغتمي وبهادر وقبضوا على علم الدّين سنجر الْحلَبِي أتابك الْمَنْصُور عَليّ بن الْمعز أيبك ورتبوا فِي الأتابكية أقطاي المستعرب الصَّالِحِي، وَفِي سادس عشر ربيع الآخر مِنْهَا قتلت شَجَرَة الدّرّ وألقيت خَارج البرج فَحملت إِلَى تربَتهَا فدفنت وَبعد أَيَّام خنق شرف الدّين الفائزي.
وفيهَا: استوحش النَّاصِر من البحرية ونزحهم عَن دمشق فقدموا غَزَّة وانتموا إِلَى الْملك المغيث فتح الدّين عمر بن الْعَادِل أبي بكر بن الْكَامِل وانزعج أهل مصر لقدوم البحرية إِلَى غَزَّة، وبرزوا إِلَى العباسية، وَنَفر من البحرية جمَاعَة إِلَى الْقَاهِرَة مِنْهُم عز الدّين الْأَثْرَم فأكرموه وأفرجوا عَن أملاكه وَأرْسل صَاحب الشَّام عسكراً فِي أَثَرهم فكبسته البحرية ونالوا مِنْهُ.
ثمَّ انْكَسَرت البحرية فَانْهَزَمُوا إِلَى البلقاء وَإِلَى زغر ملتجئين إِلَى المغيث صَاحب الكرك فأنفق فيهم أَمْوَالًا وأطمعوه فِي مصر فجهزهم بِمَا احتاجوا وقصدوا مصر فَخرج عَسَاكِر مصر لقتالهم، والتقى المصريون مَعَ البحرية وعسكر المغيث بكرَة السبت منتصف ذِي الْقعدَة مِنْهَا، فَانْهَزَمَ عَسْكَر المغيث والبحرية، وَمِنْهُم بيبرس البندقدار الْمُسَمّى بعد بِالْملكِ الظَّاهِر إِلَى جِهَة الكرك.
وفيهَا: وصل من الْخَلِيفَة الطوق والتقليد إِلَى الْملك النَّاصِر يُوسُف بن الْعَزِيز.