ثمَّ دخلت سنة ثَمَان وَسِتِّينَ وسِتمِائَة: فِيهَا توجه الْملك الظَّاهِر بيبرس من الكرك مستهل الْمحرم وَقد عَاد من الْحَج فوصل دمشق بَغْتَة، وَتوجه من يَوْمه فوصل حماه خَامِس الْمحرم، وَتوجه لساعته إِلَى حلب وَلم تشعر بِهِ الْعَسْكَر إِلَّا وَهُوَ فِي الموكب مَعَهم وَعَاد إِلَى دمشق ثَالِث عشر الْمحرم ثمَّ توجه إِلَى الْقُدس ثمَّ وصل الْقَاهِرَة ثَالِث صفر مِنْهَا.
وفيهَا: عَاد الظَّاهِر إِلَى الشَّام وأغار على عكا وَدخل دمشق وحماه.
وفيهَا: فِي رَجَب تسلم عَسْكَر الظَّاهِر مصياف من الإسماعيلية.
وفيهَا: جهز منكوتمر جَيْشًا من التتر فوصلوا قسطنطينية، وعاثوا فِي بلادها ومروا بالقلعة الَّتِي حبس بهَا كيكاوس صَاحب الرّوم من سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ فَحَمله التتر بأَهْله إِلَى منكوتمر فَأكْرمه وزوجه ابْنَته وَأقَام مَعَه حَتَّى توفّي كيكاوس سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة فَسَار ابْنه مَسْعُود وَملك الرّوم.
ثمَّ دخلت سنة تسع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة: فِيهَا حصر الظَّاهِر حصن الأكراد وَملكه بالأمان فِي رَابِع وَعشْرين شعْبَان، ثمَّ نَازل حصن عكار فِي سَابِع عشر رَمَضَان وجد فِي قِتَاله، وَملكه بالأمان فِي سلخ رَمَضَان وَعِيد عَلَيْهِ، وَفِيه يَقُول مُحي الدّين بن عبد الظَّاهِر:
(يَا مليك الأَرْض بِشِرَاك ... فقد نلْت الْإِرَادَة)
(إِن عكار يَقِينا ... هُوَ عكا وَزِيَادَة)
قلت: ونقلت أَنا هَذَا الْمَعْنى إِلَى ذمّ سُكْنى البيرة فَقلت:
(إِنَّمَا البيرة بير ... رحلتي مِنْهَا سَعَادَة)
(قيل والبيرة بير ... قلت بير وَزِيَادَة)
وَالله أعلم.
وفيهَا: فِي شَوَّال تسلم الظَّاهِر قلعة العليفة وبلادها من الإسماعيلية.
وفيهَا: قدم الظَّاهِر دمشق ونازل فِي ثَانِي ذِي الْقعدَة حصن الْقرن وتسلمه بالأمان وهدمه وَعَاد إِلَى مصر.
وفيهَا: جهز الظَّاهِر مَا يزِيد على عشرَة شواني لغزة وقبرص، فتكسرت فِي مرسى النمسون وأسرهم الفرنج، فَعمل السُّلْطَان فِي مُدَّة يسيرَة شواني ضعف مَا عدم.
وفيهَا: توفّي هيتوم صَاحب سيس وَملك ابْنه ليفون طليق الظَّاهِر.
وفيهَا: قبض الظَّاهِر على عز الدّين تغان وعَلى المحمدي وَغَيرهمَا.
وفيهَا: توفّي القَاضِي شمس الدّين إِبْرَاهِيم بن الْبَارِزِيّ قَاضِي حماه والطواشي شُجَاع الدّين مرشد الْخَادِم المنصوري، وَكَانَ كثير الْمَعْرُوف كَانَ الظَّاهِر يعْتَمد عَلَيْهِ ويستشيره ودبر حماه مُدَّة.
قلت: وفيهَا أَعنِي سنة تسع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة، مَاتَ بِمَكَّة قطب الدّين عبد الْحق بن