الْقَضَاء شرف الدّين هبة الله بن الْبَارِزِيّ قَالَ: نظم الشَّيْخ جمال الدّين الْخُلَاصَة الألفية بحماه عندنَا يرسم اشتغالي فِيهَا، وَكنت شَابًّا وخدمته وَلَقَد رَأَيْت بركَة خدمتي لَهُ.
ويحكى أَن الشَّيْخ تَاج الدّين عبد الرَّحْمَن الْفَزارِيّ الْعَالم الْمَشْهُور تأسف يَوْم موت ابْن مَالك تأسفاً كثيرا فَقيل لَهُ: أَكَانَ الشَّيْخ جمال الدّين فِي النَّحْو مثلك فِي الْفِقْه، فَقَالَ: وَالله مَا أنصفتموه كَانَ فِي النَّحْو مثل الشَّافِعِي فِي الْفِقْه وَيُقَال أَن الشَّيْخ جمال الدّين اجْتمعت فِيهِ أضداد فَإِنَّهُ كَانَ مغربياً سخياً حسن الْخلق وأديباً دينا حسن الْوَجْه، وَرَأَيْت بِخَط القَاضِي شمس الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن بهْرَام الدِّمَشْقِي قَاضِي قُضَاة حلب، كَانَ رَحمَه الله مَا صورته أَنْشدني الشَّيْخ عبد الصَّمد الأندلسي قَالَ أَنْشدني الشَّيْخ جمال الدّين بن مَالك:
(نضر نضير نضار زبرج ثَمَر ... عسيجد زخرف عقيان الذَّهَب)
(والتبر مالم يذب وأشركوا ذَهَبا ... وَفِضة فِي سبيك هَكَذَا الْعَرَب)
وأنشدني أَيْضا من إنشاده:
(أَنا أيا وبلى روى صبا وَصلى ... سوى قرت قصرت وَمد من فتحا)
(واقصراضا وسحاصلا غراوعما ... قذا وَمد الَّذِي بالكسرة افتتحا)
(قربى ورعبى وعلياً أقصر لضمكها ... وَافْتَحْ وَمد ونعمى هَكَذَا وضحا)
وَالله أعلم. وفيهَا: فِي ذِي الْقعدَة توفّي الْأَمِير مبارز الدّين أقوش المنصوري مَمْلُوك الْمَنْصُور صَاحب حماه وَكَانَ شجاعا عَاقِلا قبجاقي الْجِنْس.
وفيهَا: ثامن عشر ذِي الْحجَّة توفّي النصير الطوسي مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْحسن خدم صَاحب الألموت، ثمَّ خدم هولاكو وحظي عِنْده وَعمل لَهُ رصداً بمراغة وزيجاً، وَله أقليدس يتَضَمَّن اخْتِلَاف الأوضاع ومجسطي وَتَذْكِرَة فِي الْهَيْئَة، شرح الإشارات، وَأجَاب عَن غَالب إيرادات فَخر الدّين الرَّازِيّ عَلَيْهَا، ومولده جُمَادَى الأولى سنة سبع وَتِسْعين وَخَمْسمِائة، وَدفن فِي مشْهد مُوسَى الْجواد.
قلت: وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَسبعين وسِتمِائَة مَاتَ صَاحب الأندلس السُّلْطَان أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن يُوسُف بن الْأَحْمَر، وَكَانَ مؤيداً لم تكسر لَهُ راية قطّ مبدأ ظُهُوره من قَرْيَة أرجونة وانتزع الْملك من ابْن هود وولايته اثْنَتَانِ وَأَرْبَعُونَ سنة وَملك بعده ابْنه مُحَمَّد.
وفيهَا: مَاتَ بالروم الصَّدْر القنوي وَالله أعلم.
ثمَّ دخلت سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة: فِيهَا دخل الظَّاهِر بِلَاد سيس بالعساكر وغنم وَعَاد إِلَى دمشق.
ثمَّ دخلت سنة أَربع وَسبعين وسِتمِائَة: فِيهَا نازلت التتر البيرة ومقدمهم أقطاي فَتوجه