للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثمَّ دخلت سنة اثْنَتَيْنِ وَسَبْعمائة: فِي الْمحرم مِنْهَا (فتحت جَزِيرَة أرواد) فِي بَحر الرّوم قبالة أنظرسوس قَرِيبا من السَّاحِل اجْتمع فِيهَا كثير من الفرنج وبنوا فِيهَا سوراً تحَصَّنُوا وصاروا يطلعون مِنْهَا ويقطعون الطَّرِيق على المترددين فِي ذَلِك السَّاحِل والنائب بالسَّاحل إِذْ ذَاك استدمر الكرجي فَسَأَلَهُ إرْسَال أسطول إِلَيْهَا فعمرت الشواني وسارت إِلَيْهَا من الديار المصرية فِي بَحر الرّوم ووصلتها فِي الْمحرم، وَجرى قتال شَدِيد وَنصر الله الْمُسلمين وملكوا الجزيرة وَقتلُوا وأسروا جَمِيع أَهلهَا وخربوا أسوارها وعادوا بالأسرى والمغنم.

وفيهَا: عَادَتْ التتر إِلَى قصد الشَّام ونزلوا أزوار الْفُرَات مُدَّة وَسَار مِنْهُم نَحْو عشرَة آلَاف وأغاروا على القرينين ونواحيها، وَكَانَت العساكر قد اجْتمعت بحماه عِنْد كتبغا نائبها وَهُوَ مَرِيض من عوده من سيس مسترخى الْأَعْضَاء فَأرْسل كتبغا جمَاعَة من الْعَسْكَر إِلَى التتر الَّذين أَغَارُوا على القرينين وَمِنْهُم اسندمر نَائِب السَّاحِل وَجَمَاعَة من عَسْكَر حلب وحماه، وَمِنْهُم الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى، وَذَلِكَ فِي سَابِع شعْبَان مِنْهَا.

وَاتَّفَقُوا مَعَ التتر على الكوم قريب عرض يَوْم السبت عَاشر شعْبَان سلخ آذار وصبر الْفَرِيقَانِ ثمَّ انهزم التتر وترجل مِنْهُم جمَاعَة كَثِيرَة وأحاط الْمُسلمُونَ بهم بعد فرَاغ الْوَقْعَة وبذلوا لَهُم الْأمان فَلم يقبلُوا وقاتلوا بالنشاب وَعمِلُوا السُّرُوج ستائر وناوشهم الْعَسْكَر الْقِتَال من الضُّحَى إِلَى انفراك الظّهْر ثمَّ حملُوا فَقَتَلُوهُمْ عَن آخِرهم وَكَانَ هَذَا عنوان النَّصْر الثَّانِي، وعادوا منصورين فوصلوا حماه يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشر شعْبَان ثَانِي نيسان.

وفيهَا: بعد كسرة التتر على الكوم سَارَتْ جموع التتر الْعَظِيمَة صُحْبَة قطلو شاه نَائِب قازان ووصلوا حماه واندفع كتبغا فِي محفة والعساكر الَّذين كَانُوا بحماه بَين أَيْديهم، وَأخر الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى لكشف التتر فوصل التتر حماه يَوْم الْجُمُعَة الثَّالِث وَالْعِشْرين من شعْبَان وشاهدهم الْمُؤلف بِظَاهِر حماه فَسَار وَأعلم كتبغا على القطيفة بِالْحَال، فسارت العساكر الإسلامية إِلَى دمشق ووصلت أَوَائِل المصريين صُحْبَة بيبرس الجاشنكير وَاجْتمعت بمرج الزنبقية ظَاهر دمشق ثمَّ سَارُوا إِلَى مرج الصفر لما قاربهم التتر، وَانْتَظرُوا وُصُول السُّلْطَان وَعبر التتر على دمشق طَالِبين للعسكر ووصلوا إِلَيْهِم عِنْد شقحب بِطرف مرج الصفر وَسَاعَة وُصُول التتر إِلَى الْجَيْش وصل السُّلْطَان بباقي العساكر والتقى الْجَمْعَانِ بعد الْعَصْر نَهَار السبت ثَانِي رَمَضَان مِنْهَا فِي الْعشْرين من نيسان وَاشْتَدَّ الْقِتَال وتكردست التتر على الميمنة اسْتشْهد من الْمُسلمين خلق مِنْهُم رَأس الميمنة الحسام أستاذ الدَّار، وَكَانَ بِرَأْس الميمنة أَيْضا قبجق فَانْدفع هُوَ وَبَاقِي الميمنة بَين أَيدي التتر وَأنزل الله نَصره على الْقلب والميسرة، فهزموا التتر وَكثر الْقَتْل فيهم فولى بعض التتر مَعَ توليه منهزمين، وَتَأَخر بَعضهم مَعَ جوبان، وَحَال اللَّيْل بَين الْفَرِيقَيْنِ فَنزل التتر على جبل بِطرف مرج الصفر وأوقدوا النيرَان وأحاط الْمُسلمُونَ بهم.

وَعند الصَّباح ابتدر التتر الْهَرَب من الْجَبَل وتبعهم الْمُسلمُونَ فَقتلُوا مِنْهُم مقتلة

<<  <  ج: ص:  >  >>