قيس عيلان وَابْنه سَلمَة على تغلب والنمر، وَحجر هَذَا أَبُو امرىء الْقَيْس الشَّاعِر تماسك أمره فِي بني أَسد مُدَّة ثمَّ تنكروا عَلَيْهِ فقهرهم وأنكى فأطاعوه ثمَّ قَتَلُوهُ غيلَة وَفِيه يَقُول امْرُؤ الْقَيْس ابْنه أبياتا مِنْهَا:
(بَنو أَسد قتلوا رَبهم ... أَلا كل شَيْء سواهُ جلل)
وَلما سمع بقتل أَبِيه بدمون مَوضِع بِالْيمن قَالَ:
(تطاول اللَّيْل علينا دمون ... دمون أَنا معشر يمانون)
ثمَّ استنجد امْرُؤ الْقَيْس ببكر وتغلب على بني أَسد فَهَرَبُوا مِنْهُ ثمَّ تخاذلت عَنهُ بكر وتغلب ونطلبه الْمُنْذر بن مَاء السَّمَاء فتفرقت جموع امرىء الْقَيْس خوفًا وَخَافَ امْرُؤ الْقَيْس أَيْضا من الْمُنْذر فتنقل إِلَى قبائل الْعَرَب يتدخل عَلَيْهِم حَتَّى قصد السموأل بن عاديا الْيَهُودِيّ فَأكْرمه وَأقَام عِنْده مَا شَاءَ اللَّهِ ثمَّ قصد قَيْصر ملك الرّوم مستنجدا وأودع أدراعه عِنْد السموأل وَمر على حماة وشيزر، قلت: وَمر أَيْضا على بادف ذَات التل وَقَالَ فِي سيرة قصيدته الْمَشْهُورَة مِنْهَا:
(سما لَك الشوق بعد مَا كَانَ أقصرا ... )
وَمِنْهَا
(نقطع أَسبَاب اللبانة والهوى ... عَشِيَّة جاورنا حماة وشيزرا)
وَمِنْهَا:
(بَكَى صَاحِبي لما رأى الدَّرْب دونه ... وأيقن أَنا لاحقان بقيصرا)
(فَقلت لَهُ لَا تبك عَيْنك إِنَّمَا ... نحاول ملكا أَو نموت فنعذرا)
وَكَانَ بِهِ قرحَة طَالَتْ بِهِ وفيهَا يَقُول:
(وبدلت قرحا داميا بعد صِحَة ... لَعَلَّ منايانا تحولن أبؤسا)
فَمَاتَ امْرُؤ الْقَيْس بعد عوده عَن قَيْصر بالروم عِنْد جبل عسيب وَهُنَاكَ قَالَ:
(أجارتنا أَن الخطوب تنوب ... وَأَنِّي مُقيم مَا أَقَامَ عسيب)
وَقيل سمه ملك الرّوم وَلَيْسَ بِشَيْء وَلما مَاتَ امْرُؤ الْقَيْس سَار الْحَارِث بن ابي شمر الغساني إِلَى السموأل وطالبه بأدراع امرىء الْقَيْس وَهِي مائَة وبماله عِنْده وَكَانَ الْحَارِث قد أسر ابْن السموأل فَامْتنعَ السموأل من تَسْلِيم ذَلِك إِلَى الْحَارِث فَقَالَ الْحَارِث: أما أَن تسلم الأدراع وَإِمَّا قتلت ابْنك فَأبى السموأل من تَسْلِيمهَا فَقتل ابْنه قدامه فَقَالَ السموأل أبياتا مِنْهَا:
(وفيت بأدرع الْكِنْدِيّ إِنِّي ... إِذا مَا ذمّ أَقوام وفيت)
(وَأوصى عاديا يَوْمًا بِأَن لَا ... يهدم يَا سموأل مَا بنيت)
وَذكر الْأَعْشَى هَذِه الْحَادِثَة فَقَالَ:
(كن سموأل إِذا طَاف الْهمام بِهِ ... فِي جحفل كسواد اللَّيْل جرار)
(فَشك غير طَوِيل ثمَّ قَالَ لَهُ ... اقْتُل أسيرك إِنِّي مَانع جاري)