للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَسَار الْمُؤلف بِمن مَعَه من عَسْكَر حماه بعدهمْ وَلما تحقق السُّلْطَان صدق الطَّاعَة خرج من الكرك ثَانِيًا وسَاق وَخرجت عَسَاكِر دمشق لطاعته وَتَلَقَّتْهُ وهرب الأفرم نَائِب دمشق وَوصل السُّلْطَان دمشق يَوْم الثُّلَاثَاء ثامن عشر شعْبَان مِنْهَا الْمُوَافق لعشرين كانون وهيئت لَهُ قلعة دمشق فَلم ينزل بهَا وَنزل بِالْقصرِ الأبلق وَأرْسل الأفرم يطْلب الْأمان من السُّلْطَان فَأَمنهُ وَقدم إِلَى طَاعَته، وَسَار قبجق من حماه بالعسكر الْحَمَوِيّ واسندمر بعسكر السَّاحِل ووصلوا دمشق وَقدم الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى تقدمة مِنْهَا مَمْلُوكه طقز تمر فقبلها ووعده بحماه وَوصل قبلهم بكتمو أَمِير جندار من صفد، وَلما تكاملت العساكر الشامية عِنْد السُّلْطَان أحضر إِلَى دمشق حواصل الكرك وَأنْفق فِي الْعَسْكَر وَسَار بهم من دمشق يَوْم الثُّلَاثَاء تَاسِع رَمَضَان عَاشر شباط، وَبلغ بيبرس نَائِبه سلار ذَلِك فجردا عسكراً ضخماً مَعَ برلغي وَغَيره فَسَارُوا إِلَى الصالحية واقاموا بهَا وبرلغي من أكبر أَصْحَاب بيبرس وَكَانَ الشَّاعِر أَرَادَهُ بقوله:

(فَكَانَ الَّذِي استنصحت أول خائن ... وَكَانَ الَّذِي استصفيت من أعظم العدى)

وَسَار السُّلْطَان بالعساكر والفصل شتاء وَالْخَوْف شَدِيد من الأمطار والوحل فَقدر الله الصحو والدفء حَتَّى وصلوا غَزَّة يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشر رَمَضَان فَقدم إِلَى طَاعَته عَسْكَر مصر شَيْئا فَشَيْئًا برلغي وَغَيره بعدة كَثِيرَة من الْعَسْكَر ثمَّ تَتَابَعَت الأطلاب من الْأُمَرَاء والمماليك والأجناد يقبلُونَ الأَرْض ويسيرون صحبته وَلما تحقق بيبرس ذَلِك خلع نَفسه من السلطنة، وَأرْسل بيبرس الدواتدارا وبهادر يطْلب الْأمان وَأَن يُعْطِيهِ أما الكرك أَو حماه أَو صهيون وَأَن يكون مَعَه من مماليكه ثَلَاثمِائَة فَأُجِيب إِلَى مائَة مَمْلُوك وَإِلَى صهيون، وهرب الجاشنكير من قلعة الْجَبَل إِلَى جِهَة الصَّعِيد، وَخرج سلار إِلَى طَاعَة السُّلْطَان، وتلقاه يَوْم الِاثْنَيْنِ التَّاسِع وَالْعِشْرين من رَمَضَان قَاطع بركَة الْحجَّاج وَقبل الأَرْض وَضرب للسُّلْطَان الدهليز بِالْبركَةِ فِي النَّهَار الْمَذْكُور، وَأقَام بهَا يَوْم الثُّلَاثَاء سلخ رَمَضَان وَعِيد يَوْم الْأَرْبَعَاء بِالْبركَةِ، ورحل السُّلْطَان فِي نَهَاره والعساكر المصرية والشامية فِي خدمته وعَلى رَأسه الجتر وَوصل وَصعد قلعة الْجَبَل وَاسْتقر على سَرِير ملكه بعد الْعَصْر من نَهَار الْأَرْبَعَاء مستهل شَوَّال مِنْهَا رَابِع آذار وَهِي سلطنته الثَّالِثَة.

وَفِي يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث شَوَّال الثَّالِث من وُصُول السُّلْطَان سَار سلار من قلعة الْجَبَل إِلَى الشوبك أنعم بهَا عَلَيْهِ وَقطع خَبره من الديار المصرية واستناب السُّلْطَان قبجق بحلب وارتجع مِنْهُ حماه، وَسَار قبجق من مصر يَوْم الْخَمِيس تَاسِع شَوَّال، ورسم لعسكر حماه بِالْمَسِيرِ مَعَه، وَاعْتذر السُّلْطَان للمؤلف رَحمَه الله بِأَنَّهُ إِنَّمَا أخر تَمْلِيكه حماه لمهمات وإشغال تعوقه وَأَنه لَا بُد من إنجاز وعده فَعَاد مَعَ قبجق إِلَى الشَّام، ثمَّ رسم السُّلْطَان للافرم بصرخد فَسَار إِلَيْهَا واستناب قرا سنقر بِالشَّام وَالْحج بهادر الظَّاهِرِيّ بحماه، ثمَّ ارتجعها مِنْهُ وَقَررهُ بنيابة الفتوحات والحصون بعد عزل اسندمر عَنْهَا.

وَكَانَ قد حصل بَين الْمُؤلف رَحمَه الله تَعَالَى وَبَين اسندمر عَدَاوَة مستحكمة لميله إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>