وفيهَا: فِي شعْبَان توفّي الشَّيْخ الأديب شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سِبَاع الصَّائِغ، كَانَ فَاضلا يقرى الْأَدَب فِي دكانة، شرح الدريدية جيدا وَشرح ملحمة الْإِعْرَاب وقصيدة ابْن الْحَاجِب فِي الْعرُوض، وَله قصيدة تائية ألفا بَيت ذكر فِيهَا الْعُلُوم والصنائع.
وَمَا أحسن قَوْله:
(يَا ذَا الَّذِي لولاه مَا حركت ... يَد الْهوى من باطني سَاكِنا)
(رفقا بقلب لم يزل خافقاً ... وَأَنت مَا زلت بِهِ سَاكِنا)
وفيهَا: أمسك علم الدّين الجاولي بغزة وَحمل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وَكَانَ قد تهَيَّأ لِلْحَجِّ وهيأ طَعَاما كثيرا وَغَيره.
وَفِيه: أريقت الْخُمُور فِي خَنْدَق قلعة الْمَدِينَة السُّلْطَانِيَّة وأحرقت الظروف وَذَلِكَ أَنه وَقع ثمَّ برد كبار وزن الْبردَة ثَمَانِيَة عشرَة درهما مواشي وأعقبه سيل مخوف فَسَأَلَ أَبُو سعيد الْفُقَهَاء عَن سَببه فَقَالُوا من الظُّلم وَالْفَوَاحِش فَأبْطل الحانات فِي مَمْلَكَته وأبطل مسك الْغلَّة.
وفيهَا: فِي ذِي الْحجَّة توفّي قَاضِي الْقُضَاة كَمَال الدّين عمر بن العديم وَدفن بالْمقَام، وَنقل ابْنه قَاضِي الْقُضَاة نَاصِر الدّين مُحَمَّد من قَضَاء حماه إِلَى حلب عوضا عَنهُ.
ثمَّ دخلت سنة إِحْدَى وَعشْرين وَسَبْعمائة: فِيهَا أهْدى أَبُو سعيد إِلَى السُّلْطَان صناديق ودقيقاً وجمالاً وتحفاً.
وفيهَا: أخرج الشَّيْخ تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية من القلعة بعد الْعَصْر بمرسوم السُّلْطَان وَمُدَّة إِقَامَته فِي القلعة خَمْسَة أشهر وَثَمَانِية عشر يَوْمًا.
وفيهَا: فِي شهر ربيع الآخر حفر السُّلْطَان حفيراً قرب بَحر النّيل، وَكَانَ جواره كَنِيسَة فَأَرَادَ هدمها فَلَمَّا شرعوا فِي هدمها قَامَ الصَّوْت فِي الْقَاهِرَة ومصر بهدم الْكَنَائِس فَلم يبْق بِمصْر والقاهرة كَنِيسَة حَتَّى حاصروها، مِنْهَا مَا هدم، وَمِنْهَا مَا نهب وَمِنْهَا مَا لم يصلوا إِلَيْهِ فَغَضب السُّلْطَان، واستفتى الْقُضَاة فأفتوه بتعزيزهم فَأخذ جمَاعَة من الْحَبْس فشنق وَقطع أيديا وخزم حَتَّى سكنوا، واختفى النَّصَارَى أَيَّامًا، وَجرى ذَلِك فِي الفيوم وأحرقوا الْأَمْوَات المدفونين فِي كنائسها.
وَفِيه: أمسك سيف الدّين جوبان أحد أُمَرَاء دمشق وَحمل إِلَى الْقَاهِرَة لسوء مُرَاجعَته للنائب وَعُوتِبَ بِالْقَاهِرَةِ وَأعْطِي خَبرا يَلِيق بِهِ.
وَفِيه: وَقع بِالْقَاهِرَةِ حريق عَظِيم أتلف أملاكاً وأتعب النَّاس حَتَّى أطفئ ثمَّ فِي الْغَد وَقع حريق أعظم مِنْهُ فِي وضع آخر وَقرب من دَار كريم الدّين فَنزل الْأُمَرَاء والنائب من القلعة خوفًا على دَار كريم الدّين لكَونهَا خزانَة الْمُسلمين وأحرقوا بهَا حَتَّى أطفئت وتوالى الْحَرِيق بِالْقَاهِرَةِ وتحير السُّلْطَان والرعية لَهُ، وتتبع ذَلِك فَقيل: أَنه وجد بعض النَّصَارَى وَمَعَهُ آلَة الْحَرِيق كالنفط وَغَيره، فَأخذُوا وعرضوا على السُّلْطَان فَذكر بَعضهم أَن القسيسين